من القبائح، إن سألوا ألحّوا، وإن سُئلوا شحّوا، لبسوا الثياب على قلوب الذئاب، اتّخذوا مساجد الله التي يُذكر فيها اسمه لرفع أصواتهم باللغو والجدال، والقيل والقال، واتّخذوا العلم شبكةً يصطادون بها الدنيا، فإيّاكم ومجالسهم». وسُئل(رضي الله عنه) عن الحديث: لم لا تشتغل به؟ فقال: «للحديث رجال، وشغلي بنفسي استغرق وقتي، والحديث من أركان الدين، ولولا نقص دخل على أهل الحديث والفقه لكانوا أفضل الناس في زمانهم، ألا تراهم بذلوا علمهم لأهل الدنيا يستجلبون به دنياهم، فحجبوهم واستكبروا عليهم، وافتتنوا بالدنيا لمّا رأوا من حرص أهل العلم والمتفقّهين عليها، فخانوا الله ورسوله، وصار إثم كلّ من تبعهم في عنقهم، جعلوا العلم فخّاً للدنيا، وسلاحاً يكسبونها به، بعد أن كان سراجاً للدين يُستضاء به». وقد استمرّ ذو النون يزورها في حياتها، ويزور قبرها بعد وفاتها، إلى أن توفّي(رضي الله عنه) سنة 245 هـ. * وكذلك كان الفقيه الإمام عبدالله بن عبد الحكم([465]) من جلّة أصحاب مالك، وقد أفضت إليه رئاسة المالكية بعد أشهب. وقد بلغ هو وبنوه من الجاه والتقدّم ما لم يبلغه أحد، وكان صديقاً للإمام الشافعي كما سبق أن بيّنا، وروى كثيراً عن الإمام الشافعي، وكتب كتبه بنفسه، وله مؤلّفات عدّة. وكان لا ينقطع عن زيارة كريمة الدارين في حياتها، ولا عن زيارة قبرها بعد وفاتها، وقد سمع عليها الحديث، واستفاد كثيراً من آثارها وأخبارها. وممّن زارها في حياتها، وعرف حقّ زيارة قبرها بعد موتها: