* الإمام عثمان بن سعيد المصري. * وكذلك الشيخ أبو الفيض ثوبان بن إبراهيم ذو النون المصري([462]) وهو من كبار الصوفية، ومن كلامه([463]): «إيّاك أن تكون للمعرفة مدّعياً، أو بالزهد محترفاً، أو بالعبادة متملّقاً، وفرّ من كلّ شيء إلى ربّك». وكان يقول للعلماء: «أدركنا الناس، وأحدهم كلّما ازداد علماً ازداد في الدنيا زهداً وبغضاً، وأنتم اليوم كلّما ازداد أحدكم علماً ازداد في الدنيا حبّاً وطلباً ومزاحمة، وأدركناهم وهم ينفقون الأموال في تحصيل العلم، وأنتم اليوم تنفقون العلم في تحصيل المال»([464]). وكان يقول: «كلّ مدَّع محجوب بدعواه عن شهود الحقّ، لأنّ الحقّ شاهد لأهل الحقّ بأن الله تعالى هو الحقّ، وقوله الحقّ، ومن كان الحقّ تعالى شاهداً له لا يحتاج مدّعياً، فالدعوى علامة على الحجاب عن الحقّ والسلام». وكان يقول: «لكلّ شيء علامة، وعلامة طرد العارف عن حضرة الله تعالى انقطاعه عن ذكر الله عزّوجلّ». وقال(رضي الله عنه): «إذا تكامل حزن المحزون لم تجد له دمعة، لأنّ القلب إذا رقّ سلا، وإذا جمد وغلظ سخا». وكان يقول: «من لم يفتّش عن الرغيفين من الحلال لا يفلح في طريق الله عزّوجلّ». ويقول: «قد غلب على العبّاد والنسّاك والقرّاء في هذا الزمن التهاون بالذنوب، حتّى غرقوا في شهوة بطونهم وفروجهم، وحجبوا عن شهود عيوبهم، فهلكوا وهم لا يشعرون، أقبلوا على أكل الحرام وتركوا طلب الحلال، ورضوا من العمل بالعلم، يستحي أحدهم أن يقول فيما لا يعلم: لا أعلم، هم عبيد الدنيا لا علماء الشريعة، إذ لو علموا بالشريعة لمنعتهم