القاسم بن محمد بن جعفر الصادق رضي الله عنهم، وكان من أهل الصلاح والتقوى والدين والعبادة، وله مشهد جليل بناه الظافر ; الخليفة الفاطمي، وكان يحمل إليه النذور. وكان الفاطميون يأتون إلى هذه المشاهد ويتصدّقون عندها بالأموال. قال أبو عمر الكندي([449]): وكانوا يجعلون عليها الستور. ومات علي بن القاسم هذا سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، وحين تشفّع لعفّان بعث إليه عفّان في الليل مائة دينار، فردّها وقال للذي جاء بها له: قل له: إنّ الله تعالى يقول:(من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها)([450]) فكيف أبيع نصيبي بمائة دينار ؟! 3 ـ وحُكي عن أبي العزّ اليماني أنّه قال: كنت عزيزاً في قومي، أثيراً في عشيرتي، من أكثرهم مالا وضياعاً، فاستطلت بنفسي، وشمخت بأنفي، وتكبرّت على الناس واحتقرت أمرهم، فلم ألبث حتّى ذهب مالي وضاعت ضياعي، فضاقت بي الأرض بما رحبت، واشتدّ بي الحال، وصرت كاسف البال، فشمت بي العدو، ورثى لي الصديق، فشكوت أمري إلى أحد أصدقائي، فأشار علىَّ بزيارة الصالحين والدعاء عندهم، عسى الله تعالى أن يأتي بفرجه القريب، فيذهب عنّي ما نزل بي، فاعتزلت الناس. فرأيت يوماً في نومي كأنّي في فضاء واسع، فيه نور ساطع، يظهر آونةً ويختفي أُخرى، فأخذني العجب من ذلك، فإذا بقائل يقول: هذا نور السيّدة نفيسة بنت الحسن رضي الله عنهما، فقلت: عسى الله أن يجمع بيني وبينها فأسألها الدعاء بأن يكشف الله كربتي ويفرّج غمّتي، فقيل لي: إنّها قد توفيّت، فقلت: أغتنم بركة زيارتها، فسمعت من يقول: أنا نفيسة يا أبا العزّ، ففارق نفسك، وانزع عنها سوءها، فقلت: فارقتها فرقةً لا عودة لي إليها، وإنّي تبت إلى الله عزّوجلّ ممّا فرط منّي، فقالت: أبشر، فقد قُبِلت التوبة، وزالت الحوبة، فأصبحت فرحاً بما رأيت، وما لبثت أن زالت غمّتي، وانفرجت كربتي، وحسن حالي، واستروح بالي، وصرت في حالة أحسن من حالتي السابقة، وأفاض الله علىَّ من نعمائه، وأسبغ عليَّ من