الدينوري، فدخل عليه وعظّمه ووعظه، فلم يرجع، وأمر بإخراجه من مصر إلى بيت المقدس. وقد أمر تكين بأخذ أموال عفّان، فذهب إلى السيد الشريف علي بن عبدالله([448])، وقال له: يا سيدي إنّي أُريد أن أخرج من مصر إلى غيرها من بلاد الله تعالى ; فراراً من الظلم، ومن بغي الجبّار تكين، فقال له الشريف علي: قم بنا إلى ضريح السيّدة نفيسة رضي الله عنها ندعو الله عنده أن يشغل هذا الجبّار عنك. فجاء عفّان من جانب، والشريف من جانب آخر، قرءا ما تيسّر من القرآن، وسألا الله عزّوجلّ أن يجعل ذلك واصلا إلى السيّدة نفيسة رضي الله عنها، وأن يفرّج عن عفّان ما هو فيه من ضيق وكرب، فأخذتهما سنة من النوم، فرأى الشريف علي السيّدة نفيسة رضي الله عنها وهي تقول له: خذ عفّان معك واذهب إلى تكين، فقد قضيت حاجته. فلمّا استيقظ الشريف حدّثه بما رآه في نومه، وأخذ بيده وتوجّها إلى تكين، فدخلا عليه، فقام تكين إلى الشريف وهو يرعد، وكأنّما قد حمّ لوقته وقال: إنّي رأيت السيّدة نفيسة رضي الله عنها وهي تقول: أكرم الشريف علياً، وارجع عن عفّان واردد عليه ماله، فإنّه قد استجار بنا، فقال الشريف: هذا عفّان بين يديك، فقال تكين: والله ما رأيته، يا ربِّ إنّي تائب إليك، فاقبل توبتي واغفر حوبتي، فتاب تكين من الظلم توبةً نصوح، وأخلص نيّته، فرآه في الحال فأكرمهما، وردّ إلى عفّان ماله، وقال لعفّان: أنت عتيق السيّدة نفيسة رضي الله عنها. ثم أمر تكين بمال كثير تصدّق به على الفقراء والمساكين، وصار يحسن إلى أهل مصر ويعدل بينهم، وكان يقول: كلّ أهل مصر يخافونني، وأنا أخاف من دعوة عفّان عند ضريح السيّدة نفيسة رضي الله عنها. وقد أحسن تكين من شأنه وحكمه في أهل مصر، ولازم زيارة مشهد السيّدة نفيسة رضي الله عنها، وكان يتصدّق عنده بالمال الكثير، وينفح خدمه بمنحات وأعطيات إلى أن توفّي في ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، وقد أوصى بأن يدفن في بيت المقدس، فحُمل في تأبو ت إلى بيت المقدس فدُفن فيه. أمّا السيد الشريف الذي تشفّع لعفّان بكرامة السيّدة نفيسة فهو علي بن عبدالله بن