فمضى به الأعوان حتّى أوقفوه بين يدي الأمير، فقال الأمير لأعوانه: أين الرجل الذي أمرتكم بإحضاره ؟ ! فقالوا: أيّها الأمير، إنّه واقف بين يديك، فقال الأمير: والله ما أراه، فقالوا: أيّها الأمير، إنّه مرّ بالسيّدة نفيسة بنت الحسن بن زيد رضي الله عنهم، فاستجار بها وسألها الدعاء، فدعت له بخلاصه، وقالت: حجب الله عنك أبصار الظالمين، فقال: أَوَ بلغ من ظلمي هذا يا ربّ ؟! إنّي تائب إليك وأستغفرك. فلمّا تاب وقد نصح في توبته، وأخلص في نيّته إذا به يرى الرجل وهو واقف بين يديه، فدعاه إلى الاقتراب منه، وقام الأمير من مجلسه وأخذ برأس الرجل فقبّله، واعتذر إليه، وصرفه من عنده شاكراً. ثم جمع ماله وتصدّق ببعضه على الفقراء والمساكين، وذهب إلى السيّدة نفيسة رضي الله عنها ومعه مائة ألف درهم وقال: خذي هذا المال شكراً لله تعالى بتوبتي، فأخذته وأخذت تصرّه في صُرر بين يديها، ثم أمرت به ففرّقته عن آخره، ولم تُبقِ منه شيئاً، شأنها في كلّ مال يُوهب لها، وكان حاضراً عند ذلك بعض من يخدمنها من النساء، فقالت لها: يا سيدتي، لو أبقيت لنا شيئاً من هذه الدراهم لنشتري بها شيئا نفطر عليه، فقالت لها: خذي غزلا غزلته بيدي فبيعيه بشيء تشترين منه ما نفطر عليه، فذهبت المرأة وباعت الغزل، وجاءت لها بما فطرت به هي وإيّاها، ولم تأخذ من المال شيئاً([439]). 7 ـ وقال القضاعي([440]) رحمه الله تعالى: قلت لزينب([441]) بنت يحيى أخي السيّدة نفيسة رضي الله عنهم: ما كان قوت عمّتك ؟ قالت: كانت تأكل في