ثم قصّت عليها قصّة ذلك التاجر، ودفعت إليها ذلك المبلغ، فأخذته وهي تضرع إلى ربّها بحمدها وثنائها، وتشكر للسيّدة بركتها ونفحتها، ورجعت إلى بناتها وقد استطارها الفرح، فأخبرتهنّ بما جرى، وكيف أنّ الله تعالى ردّ لهفتها ببركة السيّدة نفيسة رضي الله عنها([437]). 5 ـ تزوّج رجل من أهل المغافر بامرأة ذمّية من أقباط مصر، فجاء منها بولد، فأُسر في بلاد العدو، فجعلت المرأة تذهب إلى الكنائس والأديار تسأل عن الأُسارى، وولدها لم يفكّ أسره، ولم يجئ مع من كان يأتي من الأُسارى، فقالت لزوجها: بلغني أنّ من بين أظهرنا سيّدة شريفة من أُسرة نبيّكم، يقال لها: السيّدة نفيسة بنت الحسن، ولها كرامات ونفحات، فاذهب إليها لعلّها تدعو لولدي، فإن جاء آمنت بدينها. فجاء الرجل إلى السيّدة نفيسة رضي الله عنها وقصّ عليها القصّة، فضرعت إلى ربّها أن يردّ عليه ولده ويخلّصه من أسره. فلمّا كان الليل إذا بالباب يطرق، فخرجت المرأة، فإذا بها تجد الطارق ولدها وهو واقف بالباب، فصاحت من فرحتها، واحتضنت ولدها ودموع الفرح تسيل على وجنتيها، ثم قالت: يا بنىّ، أخبرني بأمرك كيف كان، فقال: يا أُمّاه كنت واقفاً بالباب في الوقت المعيّن ـ وهو الوقت الذي دعت فيه السيّدة نفيسة ـ وأنا في خدمتي، فلم أشعر إلاّ ويد وقعت على القيد، وسمعت من يقول: أطلقوه، فقد شفّعت فيه السيّدة نفيسة بنت الحسن، فأُطلقت من الغلّ والقيد، ثم لم أشعر بنفسي إلاّ وأنا أدخل من رأس محلّتنا إلى أن وقفت على الباب وطرقته ! ففرحت به أُمّه وأبو ه، وشاعت هذه الكرامة، فأسلم في تلك الليلة أهل سبعين داراً ببركتها، وأسلمت المرأة ووهبت نفسها لخدمة السيّدة نفيسة رضي الله عنها([438]). 6 ـ وكان أحد أمراء عصرها يغلب على أحواله الظلم، وقد طلب إنساناً ليعذّبه، فلمّا قبض على الرجل أعوان الأمير، فبينما هو سائر معهم إذ مرّ بدار كريمة الدارين فصاح مستجيراً بها، فما سمعت استجارته حتّى دعت له بالخلاص، وقالت له: حجب الله عنك أبصار الظالمين.