منكرو الكرامات: أمّا منكرو الكرامات([411]) فحجّتهم ما يأتي: (1) يقولون: إنّ ظهور الخارق للعادة جعله الله تعالى دليلا على النبوّة، فلو أنّه حصل لغير نبىٍّ لبطلت هذه الدلالة، لأنّ حصول الدليل مع عدم المدلول يقدح في كونه دليلا، وذلك باطل. ويردّ الأستاذ أحمد فهمي على هذه النقطة بقوله: إنّ الناس اختلفوا في أنّه هل يجوز للولىّ دعوى الولاية ؟ فقال قوم من المحقّقين: إنّ ذلك لا يجوز، فعلى هذا القول يكون الفرق بين المعجزات والكرامات: أن المعجزة تكون مسبوقة بدعوى النبوّة، والكرامة لا تكون مسبوقة بدعوى الولاية. والسبب في هذا الفرق: أنّ الأنبياء (عليهم السلام) إنّما بُعثوا إلى الخلق ليصيروا دعاةً للخلق ليخرجوهم من الظلمات إلى النور، ومن الكفر إلى الإيمان، ومن المعصية إلى الطاعة، فلو لم تظهر دعوى النبوّة لم يؤمنوا به، وإذا لم يؤمنوا به بقوا على الكفر، وإذا ادّعوا النبوّة وأظهروا المعجزة آمن القوم بهم، فإقدام الأنبياء على دعوى النبوّة ليس الغرض منه تعظيم النفس، بل المقصود منه إظهار الشفقة على الخلق حتّى ينتقلوا من الكفر إلى الإيمان. أمّا ثبوت الولاية للولىّ فليس الجهل بها كفراً، ولا معرفتها إيماناً، فكان دعوى الولاية طلباً لشهوة النفس، فعلمنا أنّ النبىّ يجب عليه إظهار دعوى النبوّة، والولىّ لا يجوز له إظهار دعوى الولاية، فظهر الفرق. أمّا الذين قالوا: إنّه يجوز للولىّ أن يدّعي الولاية، فقد ذكروا الفرق بين المعجزة والكرامة من وجوه: الأوّل: أنّ ظهور الفعل الخارق للعادة يدلّ على كون ذلك الإنسان مبرّأً عن المعصية، ثم إن اقترن هذا الفعل بادّعاء النبوّة، دلّ على كونه صادق في دعوى النبوّة، وإن اقترن بادّعاء الولاية دلّ على كونه صادقاً في دعوى الولاية، وبهذا لا يكون ظهور الكرامة على الأولياء طعناً في معجزات الأنبياء (عليهم السلام). الثاني: أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يدّعي المعجزة ويقطع بها، والولىّ إذا ادّعى الكرامة لا يقطع بها،