لأنّ المعجزة يجب ظهورها، أمّا الكرامة فلا يجب ظهورها. الثالث: أنّه يجب نفي المعارضة عن المعجزة، ولا يجب نفيها عن الكرامة. الرابع: أنّه لا يجوز ظهور الكرامة على الولىّ إذا ادّعى الولاية، إلاّ إذ أقرّ عن دعواه بكونه على دين ذلك النبي، ومتى كان الأمر كذلك صارت تلك الكرامة معجزةً لذلك النبي، ومؤكّدةً لرسالته، وبهذا التقدير لا يكون ظهور الكرامة طاعناً في نبوة النبي، بل يصير مقوّياً لها. (2) تمسّك المنكرون بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، حاكياً عن ربّ العزة سبحانه: «لن يتقرّب المتقرّبون إلى بمثل أداء ما افترضت عليهم»([412]). فقالوا: هذا يدلّ على أنّ التقرّب إلى الله بأداء الفرائض أعظم من التقرّب إليه بأداء النوافل، ثم إنّ المتقرّب إليه بأداء الفرائض لا يحصل له شيء من الكرامات، فالتقرّب إليه بأداء النوافل أولى ألاّ يحصل له ذلك. والردّ على ذلك: أن التقرّب بالفرائض وحدها أكمل من التقرّب بالنوافل، أمّا الولىّ فإنّما يكون وليّاً إذا كان آتياً بالفرائض والنوافل، ولا شكّ أن يكون حاله أتمّ من حال من اقتصر على الفرائض، فظهر الفرق. (3) وتمسّكوا بقوله تعالى:(وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلاّ بشقّ الأنفس)([413])، والقول بأنّ الولىّ ينتقل من بلد إلى بلد بعيد، لا على هذا الوجه، طعن في هذه الآية الكريمة. وأيضاً فإنّ محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يصل من مكّة إلى المدينة إلاّ في أيام كثيرة مع التعب الشديد، فكيف يعقل أنّ الولىّ ينتقل من بلده إلى مكّة للحجّ في يوم واحد !([414])