حتّى ألقاه وهو عنّي راض، وهذه أُمنيتي التي لا أُمنية بعدها. فقال: يا ابنتي، أبشري، فإنّ الله قد استجاب دعواتك، ولن أنساك حتى نلتقي في عالم الروح، في عالم الخالدين، ثم بين يدي الله ربّ العالمين، يوم تُجزى كلّ نفس ما عملت والعاقبة للمتقين. وحجّت كريمة الدارين هي وزوجها إسحاق المؤتمن، وزارت قبر خليل الرحمان (عليه السلام)، وكما قلت: حجّت في حياتها المباركة ثلاثين مرّة، أكثرها ماشية على قدميها([347])، وكان القدوة لها في ذلك جدّها الإمام الحسن (عليه السلام) الذي كان يقول: «إنّي لأستحي من ربّي أن ألقاه ولم أمشِ إلى بيته»([348]). وقالت زينب بنت يحيى([349]) المتوّج: خدمت عمّتي السيّدة نفيسة أربعين سنة، فما رأيتها نامت بليل ولا أفطرت بنهار، إلاّ العيدين وأيام التشريق، فقلت لها: أما ترفقين بنفسك ؟ فقالت: كيف أرفق بنفسي وأمامي عقبات لا يقطعهنّ إلاّ الفائزون ؟([350]). وكانت تقول: كانت عمّتي تحفظ القرآن وتفسيره، وكانت تقرأ القرآن وتبكي([351]). وقد سمع منها الحديث وتفسيره والفقه كثيرٌ ممّن قابلوها، فقد سمع منها بمصر غير الإمام الشافعي جمهور كبير من العلماء ; كذي النون المصري، وعبدالله بن الحكم، وولداه