وعصبته، وهو رأينا الذي انتهينا إليه في ختام هذا البحث، والله أعلم([333]). وحديث الثقلين من أوثق الأحاديث النبوية، وأكثرها ذيوعاً([334])، وقد اهتمّ العلماء به اهتماماً بالغاً، لأنّه يحمل جانباً مهمّاً من جوانب العقيدة الإسلامية. كما أنّه من أظهر الأدلّة التي تستند إليها الشيعة في حصر الإمامية في أهل البيت، وفي عصمتهم من الأخطاء والأهواء، أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قرنهم بكتاب الله العزيز، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فلا يفترق أحدهما عن الآخر. ومن الطبيعي أنّ صدور آية مخالفة لأحكام الدين تعتبر افتراقاً عن الكتاب العزيز، وقد صرّح النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعدم افتراقهما حتّى يردا على الحوض، فدلالته على العصمة ظاهرة جليّة. وقد كرّر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا الحديث في مواقف كثيرة، لأنّه يهدف إلى صيانة الأُمة، والمحافظة على استقامتها، وعدم انحرافها في المجالات العقائدية وغيرها إنْ تمسّكت بأهل البيت، ولم تتقدّم عليهم، ولم تتأخّر عنهم. ولو كان الخطأ يقع منهم، لما صحّ الأمر بالتمسّك بهم الذي هو عبارة عن جعل أقوالهم وأفعالهم حجّة، وفي أنّ المتمسّك بهم لا يضلّ كما لا يضلّ المتمسّك بالقرآن، ولو وقع منهم الذنب أوالخطأ لكان المتمسّك بهم يضلّ، وأنّ في اتّباعهم الهدى والنور، كما في القرآن، ولو لم يكونوا معصومين لكان في اتّباعهم الضلال.