وفي أنّهم حبل ممدود من السماء إلى الأرض كالقرآن، وهو كناية عن أنّهم واسطة بين الله تعالى وبين خلقه، وأنّ أقوالهم عن الله تعالى، ولو لم يكونوا معصومين لم يكونوا كذلك. وفي أنّهم لن يفارقوا القرآن، ولن يفارقهم مدّة عمر الدنيا، ولو أخطأوا أوأذنبوا لفارقوا القرآن وفارقهم، وفي عدم جواز مفارقتهم بأن يتقدّم عليهم بجعل نفسه إماماً لهم، أويقصّر عنهم ويأتمّ بغيرهم، كما لا يجوز التقدّم على القرآن بالإفتاء بغير ما فيه، أوالتقصير عنه باتّباع أقوال مخالفيه، وفي عدم جواز تعليمهم، وردّ أقوالهم، ولو كانوا يجهلون شيئاً لوجب تعليمهم ولم يَنْهَ عن ردّ قولهم. وقد دلّت هذه الأحاديث أيضاً على أنّ منهم من هذه صفته في كلّ عصر وزمان، بدليل قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّهما لن يفترقا حتّى يردا على الحوض» وأنّ اللطيف الخبير أخبره بذلك، وورود الحوض كنايةً عن انقضاء عمر الدنيا، فلو خلا زمان من أحدهما لم يصدق أنّهما لن يفترقا حتّى يردا على الحوض. ويتّخذ أنصارهم أنّ أهل البيت هم الأئمة الاثناعشر، وأُمّهم الزهراء هذا الحديث، ليرجّحوا رأيهم قائلين: إنّه لا يمكن أن يراد بأهل البيت جميع بني هاشم، بل هو من العام المخصوص بمن ثبت اختصاصهم بالفضل والعلم والزهد والعفّة والنزاهة من أئمة أهل البيت الطاهر، وهم الأئمة الاثناعشر، وأُمّهم الزهراء البتول. يدلّلون على ذلك بالإجماع على عدم عصمة من عداهم، والوجدان أيضاً على خلاف ذلك، لأنّ من عداهم من بني هاشم تصدر منهم الذنوب، ويجهلون كثيراً من الأحكام، ولا يمتازون عن غيرهم من الخلق، فلا يمكن أن يكونوا هم المجعولين شركاء القرآن في الأُمور المذكورة، بل يتعيّن أن يكونوا لا كلّهم، وليس إلاّ من ذكرنا.