وهو مجتمع يتبع أثر القيادة الإلهية وتشده الولاية إليها بكلّ وعي. وهو مجتمع واحد منسجم، أمرهم شورى بينهم وغير ذلك. إذا تأملنا معالم المجتمع الإسلامي، رأيناه يتمثّل في نموذج عبادي أسبوعي هو «صلاة الجمعة» إذ تتلاحم فيها الصلاة والحياة أو الهيام في الله والتعامل الاجتماعي وشخصية الإمام المطاع، والمجتمع الواعي المحاسب. ذلك إننا نجد فيها: أولاً: تجمّع الفئات المختلفة على صعيد واحد. ثانياً: توجه الجميع إلى الكعبة رمز التوحيد. ثالثاً: التبعية العبادية لحركات الإمام. رابعاً: استعراض الإمام للقضايا الاجتماعية أمام المأمومين الأُمة. خامساً: يضمّ الجميع أطار تربوي متمثل في قصد القربة، وفي المواعظ الأخلاقية العملية التي يقوم بها الإمام، وفي الأدعية المعتبرة التي يدعو بها المصلّون، وغير ذلك. فصلاة الجمعة إذن صورة عملية لمجتمع إسلامي مصغّر يعرضها الإسلام كلّ أُسبوع، ليذكّر الأُمة المسلمة بخصائصها، ويخلق فيها الداعي للعودة إلى مثل هذه المعالم إذا فقدتها يوماً ما. ولكي يعطي هذه الصورة تأثيرها العميق في النفوس، فانّه يحيط هذه الصلاة بهالة من التقديس، ويعظمها في النفوس، ويعيد عليها بالثواب العظيم، وينزل فيها سورة قرآنية كريمة، ويطلب من الأُمة أن تترك كلّ ما لديها من عمل وتجارة وغير ذلك، ويحثّها للسعي نحو ما عند الله فهو الخير المطلق، وهو العطاء الجزيل. إذ يقول تعالى: (يا أيّها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون). ـ (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون).