ـ (وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً، قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين) ([5]). وقد جاء في الخبر عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله: «ما من قدم سعت إلى الجمعة إلاّ حرّم الله جسدها على النّار» ([6]) وبهذا يحس المسلم انّه بسعيه إلى الجمعة يسعى إلى الجنّة.. الجنّة في الحياة الدنيا، والجنّة في الحياة الآخرة. ويأتي أعرابي يقال له (قُليب) إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) فيقول: «يا رسول الله إني تهيأت إلى الحج كذا وكذا مرة فما قُدّر لي». فيقول له الرسول العظيم: «يا قُليب، عليك بالجمعة فإنها حج المساكين» ([7]). وهذا شعور آخر يعطيه الإسلام للمسلم وهو يتجه إلى صلاة الجمعة، انّه شعور الراحل إلى الحج ليطوف حول مركز التوحيد ورمزه، وليسعى ما بين الحدين، وفي إطار الحدود الإلهية، وليرمي الشيطان، فيعلن غضبه على الطاغوت. وإذا تذكرنا أن عملية الحج هي عملية تربية لممثلي البشرية كلّها على نمط السلوك الذي يريده الإسلام للإنسان ـ الفرد والمجتمع ـ، أدركنا بكلّ وضوح معنى تركيزنا على أنّ صلاة الجمعة هي صورة رمزية عملية للمجتمع الإسلامي. وهنا تبدو لنا رواية تربط بروعة بين عملية التسابق إلى الجنّة يوم القيامة، وعملية التسابق في هذه الحياة إلى صلاة الجمعة، فيقول الإمام الصادق (عليه السلام): «وإنكم لتتسابقون إلى الجنّة على قدر سبقكم إلى الجمعة» ([8]) أليست الحياة الآخرة انعكاساً للحياة الدنيا؟ وأليس السلوك بل والشكل الذي يحشر عليه بنو آدم ينسجم مع نوعية السلوك في الحياة الدنيا؟