صلاة الجمعة.. مجتمع إسلامي مصغر من معالم المجتمع الإسلامي «الإسلام»: هو ـ اليوم ـ الدين الوحيد الذي يمتلك أطروحة الترابط بين كلّ شيء في وجود الإنسان، وواقعه الحياتي الواسع الأبعاد. هو الترابط بين واقعه الفطري الداخلي وتصوراته العامة عن الكون والحياة، وسلوكه العملي، فنجد أروع تلاحم بين العوالم الثلاثة في وجوده: «عالم الفطرة»، و«عالم النظرة للكون» و«عالم الأيديولوجية والسلوك». وأطروحته هي الوحيدة التي تأخذ بعين الاعتبار كلّ خصائص العوالم المذكورة بشكل طبيعي، بعد أن كانت هي بنفسها نتيجة حتمية لبناء عقائدي متين. وحصيلة تنظيمية تضمن للإنسان ـ الفرد والمجتمع ـ ديمومة السير على خط التكامل المطّرد.. خط الفطرة الأصيل. وباعتبار هذه الظاهرة العامة في الإسلام ـ الظاهرة الواقعية ـ فهو يعمل على ربط السلوك الإنساني الإرادي بالله منبع الوجود، ومالك الكون، وخالق الإنسان، والرحيم العليم بما يصلحه ويفسده، والغاية القصوى التي يكدح إليها. وبهذا تتم عملية التسامي الإنساني متجلّية في التلاحم بين المسجد والحياة، بين العبادة والسلوك، فإذا بالمسجد يسع الحياة، وإذا بالحياة تنبض بروح المسجد، فيمتلئ الوجود الإنساني بنور الله، لينطلق متضرعاً لله يسأل الهدى التشرعي المواكب للهدى التكويني. بهذا المنظار ندرك معالم المجتمع الإنساني الحقّ. إنّه مجتمع رباني منشدٌّ بالسماء في تحركه التشريعي.