(ألف) الارتباط العاطفي للأنام بهذا البيت الحرام، تواضعاً لعظمة الله. (ب) الاختيار والتوفيق الإلهيّ لمجموعة من كلِّ منطقة، ليمثّلوا كلَّ الأرض في هذه الدورة التدريبيّة السماويّة الرائعة. (ج) إنّ هؤلاء يشعرون بأنّهم بهذا: يجيبون دعوة الله، ويصدّقون بكلمة الله، ويمشون على خطّ أنبيائه (عليهم السلام) ـ خصوصاً بعد تصّور حجّ الأنبياء (عليهم السلام) جميعاً لهذا البيت ـ ويتشبّهون بملائكة الله الطائفين حول العرش، من حيث تنفيذ أوامر الله، وجذب الكون لطاعة الله، ويستغلّون هذا الموسم لإنماء التكامل العبودي في وجودهم، والحصول على المغفرة الإلهيّة المنشودة. ثانياً: الإشعار بضرورة أنْ يكون للناس مركز يقول فيه كلّ مسلم كلمتَه بكلّ حريّة، ويتبادل المؤمنون فيه الأفكار دونما سلطة من جبّار أو حاكم مهما كان لونه ومنزلته، فيتحوّل الحجّ من خلال ذلك إلى مؤتمر عالمي يتجمّع فيه ممثّلوا الاُمم، ويتدارسون أحوالهم، وما يحيط بمجتمعاتهم من مخاطر ومشاكل وما ينبغي أنْ يطرحوه من حلول، ويتعرّفون الوسائل التي ينفّذ فيها كلّ فرد مسلم وكلّ مجتمع مسلم واجبه تجاه الآخرين، ويلاحظون الدسائس والمخطّطات الاستكبارية المعادية لمسيرتهم التوحيديّة الخالصة، ويندّدون بها، ويتعرّفون أساليب الوقوف الموحّد بوجهها. وربّما استطعنا أنْ نستفيد هذا المعنى من التقارن الموجود في الآية الكريمة: (وإذْ جعلنا البيت مثابةً للنّاس وأمناً) ([96])، وهذه حقيقة أشار إليها الكثير ممّن درسوا هذه الشُعَيرة الإسلامية المهمّة، حتّى سُمِّي الحجّ بالمؤتمر الحرّ السنوي العام للمسلمين. هذا وقد كان الحرم ـ كما رأينا ـ موضعاً مقدّساً يقول فيه الناس آراءهم بكلِّ حرّية حتّى