هذا البيت، فإنّه لا ربّ له إلاّ الله عزّ وجلّ، وهو الحرّ» ثمَّ قال: «إنّ الله عزّ وجلّ خلقه قبل الأرض ثمَّ خلق الأرض من بعده فدحاها من تحته» ([86]). وعن أبان بن عثمان، عمّن أخبره، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قلت له: لِمَ سمّي البيت العتيق؟ قال: «هو بيت حُرّ عتيق من الناس، لم يملكه أحد» ([87]). وفي تفسير قوله تعالى: (وإذْ جعلنا البيت مثابةً للنّاس وأمناً) ([88])، يقول سيّد قُطب: (هذا البيت الحرام الذي قام سدنة من قريش فروّعوا المؤمنين وآذوهم وفتنوهم عن دينهم حتّى هاجروا من جواره... لقد أراده الله مثابة يثوب إليها الناس جميعاً فلا يروّعهم أحد، بل يأمنون فيه على أرواحهم وأموالهم، فهو ذاته أمنٌ وطمأنينة وسلام) ([89]). ويقول أيضاً: (ويُذكر من فضائل هذا البيت: أنّ من دخله كان آمناً، فهو مثابة الأمن لكلّ خائف، وليس هذا لمكان آخر في الأرض، وقد بقي هكذا مذ بناه إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام)، وحتّى في جاهليّة العرب، وفي الفترة التي انحرفوا فيها عن دين إبراهيم (عليه السلام) وعن التوحيد الخالص الذي يمثّله هذا الدين.. حتّى في هذه الفتـرة بقيت حرمة البيت سارية، كما قال الحسن البصـري وغيرُه: كان الرجل يَقتل فيضع في عُنقه صوفة ويدخل الحرم، فيلقاه ابنُ المقتول فلا يهيجه حتّى يخرج ) ([90]). واحترام البيت لدى الاُمم الأُخرى أمرٌ أكَّده المؤرّخون والمفسّرون. يقول العلاّمة الطباطبائي ـ بعد أنْ يؤكّد أنّ الأمن المقصود هو الأمن التشريعي ـ: (فإنّا لو تأمّلنا هذا الحكم الإلهي الذي شرّعه إبراهيم (عليه السلام) بإذن ربّه ـ أعني: حكم الحرمة