وقد جاء ما يقرب من هذا المعنى في صحيحي البخاري ومسلم ([80]). كما جاء في (العلل) للشيخ الصدوق بإسناده عن معاوية قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن طير أهليّ أقبل فدخل الحرم، فقال: «لا يمسّ، إنّ الله تعالى يقول: (ومن دخله كان آمناً) ([81]) » ([82]). وفي رواية أُخرى عن الصادق (عليه السلام) قال: «من دخل الحرم مستجيراً به فهو آمن من سخط الله عزّ وجلّ، ومن دخله من الوحش والطير كان آمناً من أنْ يُهاج أو يُؤذى حتّى يخرج من الحرم» ([83]). وفي رواية ثالثة عن محمد بن أبي عمير وفضالة، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): شجرة أصلها في الحرم وفرعها في الحلّ، فقال: «حُرّم فرعها لمكان أصلها» ([84]). والروايات كثيرة في هذا المجال، والأحكام تبعاً لذلك تؤكّد هذه القداسة والحرمة والأمن بما لا مزيد عليه، واحتاطت لمسألة الأمن فلم تسلّم السلطة فيه إلاّ للمتّقين عموماً بنصّ الآية الكريمة: (ومالَهُم ألاّ يعذّبهم الله وهم يصُدّون عن المسجد الحرام وما كانوا اولياءَهُ إنْ أولياؤُه إلاّ المتّقون ولكنَّ أكثرهم لا يعلمون) ([85]). وقد أكدّت ذلك روايات كثيرة: منها: ما روي عن أبي حمزة الثمالي قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) في المسجد الحرام: لأيّ شيء سمّاه الله العتيق؟ فقال: «إنّه ليس من بيت وضعه الله على وجه الأرض إلاّ له ربّ وسكّان يسكنونه، غير