أصفى المعاني بعد أنْ يُهيِّئ الأرضيّة المناسبة للتأثير. وبعد ركعتي الطواف تأتي بعض الأدعية الموجِّهة. ففي خبر قويّ الإسناد عن الصادق (عليه السلام) قال: «تدعو بهذا الدعاء في دبر ركعتي طواف الفريضة، تقول بعد التشهّد: اللّهُمّ ارحمني بطواعيّتي إيّاك، وطواعيّتي رسولك (صلى الله عليه وآله). اللّهُمّ جنّبني أنْ أتعدّى حدودك، واجعلني ممّن يحبّك، ويحبّ رسولك، وملائكتك وعبادك الصالحين» ([54]). وروى عبد الله بن جعفر في (قرب الإسناد) بسنده عن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمد، قال: خرجت أطوف وأنا إلى جنب أبي عبد الله (عليه السلام) حتّى فرغ من طوافه، ثمَّ مال فصلّى ركعتين مع ركن البيت والحجر، فسمعته يقول ساجداً: «سجد وجهي لك تعبُّداً ورِقّاً، ولا إله إلاّ أنت حقّاً حقّاً، الأوّل قبل كلِّ شيء، والآخر بعد كلِّ شيء، وها أنا ذا بين يديك، ناصيتي بيدك، فاغفر لي إنّه لا يغفر الذنب العظيم غيرك، فاغفر لي فإنّي مقرٌّ بذنوبي على نفسي، ولا يدفع الذنب العظيم غيرك»، ثمَّ رفع رأسه ووجهه من البكاء كأنّما غُمِس في الماء ([55]). وهذه المعاني يقصُر عن شرحها اللسان; لما فيها من جوانب العطاء والعظمة. ويقترن عمل السعي ببعض الأقوال أيضاً، وقد روى بعض الاصحاب قال: كنت وراء أبي الحسن موسى (عليه السلام) على الصفا ـ أو على المروة ـ وهو لا يزيد على حرفين: «اللّهُمّ إنّي أسألك حسن الظنّ بك على كلِّ حال، وصدق النيّة في التوكّل عليك» ([56]). وفي هاتين الكلمتين ما فيهما من معاني السعي في منهج الله، والتوكّل عليه وحسن