وفي أنّه لولا الهدي لأحلّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) روايات كثيرة تدلّ: على أنّ الحجّ إمّا معه هَدي، وإمّا متعة ولا ثالث، على أنّ الأوّل إنّما جُوِّز بعد الشروع فيه، لا أنّه جُوِّز ابتداءً. وقد أخرج بمثل هذا المعنى البيهقي في سننه ([577]). وأخرج أيضاً بمعنى: (أنّه لم يبقَ إلاّ من ساق الهَدي وحلّ الباقي) ([578]). وأخرج أيضاً بمعنى: (أنّه من معه الهدي يبقى على إحرامه، ومن لم يكن معه هَدي يطوف بالبيت، وبين الصفا والمروة، ويقصّر ويحلّ، ثمَّ يهلّ بالحجّ ويهدِ) ([579]). ونحو ذلك من المعاني ([580]). 2 ـ (صحيح البخاري): وأخرج البخاري قال: قال أبو كامل فُضيل بن حسين البصري: حدّثنا أبو معشر، حدّثنا عثمان بن غياث، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنّه سُئل عن متعة الحجّ؟ فقال: أهلّ المهاجرون والأنصار وأزواج النبي (صلى الله عليه وآله) في حجّة الوداع وأهللنا، فلمّا قدمنا مكّة قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «اجعلوا إهلالكم بالحجّ عمرةً، إلاّ من قلّد الهَدي» طفنا بالبيت وبالصفا والمروة، وأتينا النساء ولبسنا الثياب، وقال: «من قلّد الهَدي فإنّه لا يحلّ له حتّى يَبلُغَ الهَديُ مَحِلَّه» ثمَّ أمرنا عشيّة التروية أن نهلّ بالحجّ، فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت، وبالصفا والمروة، فقد تمّ حجّنا وعلينا الهَدي، كما قال الله تعالى: (فما استيسَرَ من الهَدي فَمَنْ لم يجدْ فصيام ثلاثةِ أيّام في الحجِّ وسبعة إذا رَجَعْتُم) ([581]) (إلى أمصاركم)، الشاة تجزي، فجمعوا نسكين في عام بين الحجّ والعمرة، فإنّ الله تعالى أنزله في كتابه، وسنّه نبيّه (صلى الله عليه وآله) وأباحه للناس غير أهل مكّة، قال الله: (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أهْلُهُ حاضِرِي المَسْجِدِ الحَرام) ([582]).