فيدرك ثأر الله أنصار دينه *** ولله أوس آخرون وخزرج ويقضي إمام الحقّ فيكم قضاءه *** مبيناً، وما كلّ الحوامل تخدج([549]) وكلّ أُولئك شاعر ينسى التقوى في مواطن شتّى من عمله وقوله، ولا ينساها في حقّ الشهداء من آل الحسين وصحبه ; لأنّه يحسّ الجمال إحساس الشعراء، ويهتزّ للصورة المثلى اهتزاز الأريحيّة التي يحلم بها روّاد الخيال. فهم هنا بمربأة من قيود العيش ووساوس الحاجة وأعباء النوازع الأرضيّة، يستوحون سليقة القول فيما ينبغي أن يقال، فيجري على لسانهم كأنّهم مسوقون إليه. بل كلّ أُولئك شاعر لا يسخو بالمدح وهو موصول بالعطاء الجزيل، ثمّ هو يسخو به للشهداء وآلهم على غير أمل في نوال وعلى خوف شديد من الحرمان والوبال. * * * وشاعر آخر لم يكن يهجو من الناس هذا أو ذاك، ولكنّه كان سىّء الظنّ بالناس أجمعين، وكان يقول ما بدا له في الدنيا والدين، ولكنّه يجامل مع المجاملين، فلا يقصر عن شأوهم([550]) في السابقين أو اللاحقين. ذلك هو أبو العلاء المعرّي حيث قال في الفجر والشفق: وعلى الدهر من دماء الشهيد *** ين علي ونجله شاهدان