وذكرى، فسمح بالمال ولم يسمح بالخلعة، واسترضوه فلم يرض إلاّ أن يعطوه كمّاً من أكمامها ليدفن معه في كفنه([547])، وتقسّموا الخلعة بينهم فخورين بها غير مبالين ما بذلوه في ثمنها. وانقضت فترة لم تطل.. وتسامعت العربيّة بشاعر آخر أفحل من دعبل وأقدر منه على التصرّف بالهجاء والمديح. ذلك هو علي بن العبّاس بن الرومي الذي نسى ممدوحيه من آل طاهر وبني العبّاس ليذكر حقّ حفيد الحسين يحيى بن عمر الشهيد ولو كلّفه ذكره القتل والحرمان. وفي بعض ما ساقه من النذر لأُمراء زمانه مهلكة له قلّما يفلت منها قائل بحياته، وذاك حيث يقول من قصيدته الجيميّة: غررتم لئن صدقتم أن حالة *** تدوم لكم، والدهر لونان، أخرج لعلّ لهم في منطوي الغيب ثائراً *** سيسمو لكم والصبح في الليل مولج بمجر تضيق الأرض من زفراته *** له زجل ينفي الوحوش وهزمج([548]) يودّ الذي لاقوه أنّ سلاحه *** هنالك خلخال عليه ودملج