ويخشى هشام أن يطّلع جنده على مكانة رجل لم يتطاول إلى مثل مكانته بسلطانه وعتاده، فيقول: « لا أعرفه ! »، ويقتضب الجواب. وهذا الذي تصدّى له شاعر آخر قد غامر بحياته ونواله ليقول بالقصيد المحفوظ ما ثقل على لسان هشام أن يقوله في كلمتين عابرتين. وذلك هو الفرزدق حيث قال: هذا الذي تعرف البطحاء وطأته *** والبيت يعرفه والحلّ والحرم هذا ابن خير عباد الله كلّهم *** هذا التقي النقي الطاهر العلم هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله *** بجدّه أنبياء الله قد ختموا وليس قولك: من هذا، بضائره *** العرب تعرف من أنكرت والعجم إذا رأته قريش قال قائلها: *** إلى مكارم هذا ينتهي الكرم من معشر حبّهم دين وبغضهم *** كفر وقربهم منجى ومعتصم([539]) وتصدّى عبيد الله بن كثير لأمير مكّة خالد بن عبد الله([540])، فلعنه وهو قادر على قتله ; لأنّه يلعن عليّاً وحسيناً في خطبه، وأنشد: لعن الله من يسبّ عليّاً *** وحسيناً من سوقة وإمام