على ذاك إجريّاي فيكم ضريبتي *** ولو جمعوا طرّاً عليَّ وأجلبوا وأحمل أحقاد الأقارب فيكم *** وينصب لي في الأبعدين فأنصب([537]) وقد مرّ بنا حديث زين العابدين (رضي الله عنه)، وهو غلام عليل أوشك أن يتخطّفه الموت بكلمة من عبيد الله بن زياد ; لأنّه استكبر « أن تكون به جرأة على جوابه ». فهذا الغلام العليل قد عاش حتّى انعقد له ملك القلوب حيث انعقد ملك الأجسام لهشام بن عبد الملك([538]) سيّد ابن زياد وآله. وذهب هشام بين جنده وحشمه يحجّ البيت ويترضّى الناس، فلم يخلص إلى الحجر الأسود ; لتزاحم الحجيج عليه. وإنّه لجالس على كرسيه ينتظر انفضاض الناس إذا بزين العابدين يقبل إلى الحجر الأسود في وقاره وهيبته، فيتنحّى له الحجيج ويحفّوا به وهو يستسلم مطمئناً غير معجل ثمّ يعود من حيث أتى والناس مشيّعوه بالتجلّة والدعاء. وتهوّل رجلاً من حاشية هشام هذه المهابة التي لم يرها لمولاه، فيسأل: « من هذا الذي هابه الناس هذه الهيبة ؟ ».