فينبغي ألاّ يربح بهذه الوسيلة، فأمّا وقد ربح فينبغي أن يقف به الربح عند ذاك، وينبغي للعذر الكاذب والثناء المأجور ألاّ يحسبا على الناس بحساب العذر الصادق والثناء الجميل. وقد تزلّف إلى يزيد من يتزلّفون إلى أصحاب المال والسلطان ثمّ أخذوا أجورهم، فينبغي أن يقوم ذلك الثناء بقيمة تلك الأُجور وأن يكون ما قبضوه من أجر غاية ما استحقّوه إن كانوا مستحقّيه. أمّا أن يضاف ثناء الخلود إلى صفقة أُولئك المأجورين فقد أصبح ثناء الخلود إذن صفقة بغير ثمن، أو هو علاوة مضمونة على صفقة كلّ مأجور. إنّ صاحب الثناء المبذول لا يسأل عن شيء غير العطاء المبذول، ولكنّ التاريخ خليق أن يسأل عن أعمال وأقوال قبل أن يبذل ما لديه من ثناء. وليس في تأريخ يزيد عمل واحد صحيح أو مدّعى ولا كلمة واحدة صحيحة أو مدّعاة تقيمه بحيث أراده المأجورون من العذر الممهّد والمدح المعقول، أو تخوّله مكان الترجيح في الموازنة بينه وبين الحسين. كلّ أخطائه ثابتة عليه، ومنها ـ بل كلّها ـ خطؤه في حقّ نفسه ودولته ورعاياه، وليس له فضل واحد ثابت ولا كلمة واحدة مأثورة تنقض ما وصفه به ناقدوه وعائبوه. فقد كانت له ندحة عن قتل الحسين، وكان يخدم نفسه ودولته لو أنّه استبقاه حيث يتّقيه ويرعاه.