مستور بكلّ ما صنع، ويملي لهم في هذا الظنّ أنّ استئصال ذرّية الحسين من الذكور خطّة تهمّ يزيد لوراثة الملك في بيته وعقبه، ويفيده أن يقدم عليها مستتراً من وراء ولادته، ثمّ ينصل منها ويلقي بتبعتها عليهم. ولو لم يكن ذلك لكان عجيباً أن توكل حياة الحسين وأبنائه وآله إلى والي الكوفة بغير توجيه من سيّده ومولاه.. فقد كان الزمن الذي انقضى منذ خروج الحسين من مكّة إلى نزوله بالطفّ على الفرات كافياً لبلوغ الخبر إلى يزيد ورجوع الرسل بالتوجيه الضروري في هذا الموقف لوالي الكوفة وغيره من الولاة، فإن لم يكن الأمر تدبيراً متّفقاً عليه فهو المساءة التي تلي ذلك التدبير في السوء والشناعة، وهي مساءة التهاون الذي لا تستقيم على مثله شؤون دولة. وقد روى ابن شريح اليشكري: أنّ عبيد الله صارحه بعد موت يزيد، فقال: « أمّا قتلي الحسين فإنّه أشار إليّ يزيد بقتله أو قتلي فاخترت قتله »([503])، وهو كلام متّهم لاتقوم به حجّة على غائب قضى نحبه. ويبدو لنا أنّ الظنّ بتهاون يزيد هنا أقرب إلى الظنّ بإيعازه وتدبيره([504]) ; لأنّه جرى عليه طوال حكمه وألقى حبل ولاته على غاربهم وهو لاه بصيده وعبثه، وأنّه ربّما ارتاح في سريرته بادئ الأمر إلى فعلة ابن