فقد قتل فعلاً في كربلاء كلّ كبير وصغير من سلالة علي (رضي الله عنه)، ولم ينج من ذكورهم غير الصبي علي زين العابدين. وفي ذلك يقول سراقة الباهلي: عين جودي بعبرة وعويل *** واندبي ما ندبت آل الرسول سبعة منهم لصلب علي *** قد أُبيدوا وسبعة لعقيل([450]) وما نجا علي زين العابدين إلاّ بأعجوبة من أعاجيب المقادير ; لأنّه كان مريضاً على حجور النساء يتوقّعون له الموت هامة اليوم أو غد، فلمّا همّ شمر بن ذي الجوشن بقتله نهاه عمر بن سعد عنه([451]) إمّا حياءً من قرابة الرحم أمام النساء ـ وقد كان له نسب يجتمع به في عبد مناف ـ وإمّا توقّعاً لموته من السقم المضني الذي كان يعانيه.. فنجا بهذه الأُعجوبة في لحظة عابرة، وحفظ به نسل الحسين من بعده، ولولا ذلك لباد. ثمّ قطعوا الرؤوس ورفعوها أمامهم على الحراب، وتركوا الجثث ملقاة على الأرض لا يدفنونها ولا يصلّون عليها كما صلّوا على جثث قتلاهم، ومرّوا بالنساء حواسر من طريقها، فولولن باكيات، وصاحت زينب ( رضي الله عنها ): ـ « يا محمّداه !.. هذا الحسين بالعراء، وبناتك سبايا، وذرّيتك مقتّلة تسفي عليها الصبا »([452]).