وكان غلام من آل الحسين ـ هو عبد الله بن الحسن أخيه ـ ينظر من الأخبية، فرأى رجلاً يضرب عمّه، بالسيف ليصيبه حين أخطأ زميله، فهرول الغلام إلى عمّه وصاح في براءة بالرجل: ـ « يا ابن الخبيثة.. أتقتل عمّي ؟! ». فتعمّده الرجل بالسيف يريد قتله، فتلقّى الغلام ضربته بيده، فانقطعت وتعلّقت بجلدها، فاعتنقه عمّه، وجعل يواسيه وهو مشغول بدفاع من يليه([440]). ثمّ سقط الثلاثة الذين بقوا معه، فانفرد وحده بقتال تلك الزحوف المطبقة عليه، وكان يحمل على الذين عن يمينه فيتفرّقون، ويشدّ على الخيل راجلاً ويشقّ الصفوف وحيداً، ويهابه القريبون فيبتعدون، ويهمّ المتقدّمون بالإجهاز عليه ثمّ ينكصون.. لأنّهم تحرّجوا من قتله، وأحبّ كلّ منهم أن يكفيه غيره مغبّة وزره، فغضب شمر بن ذي الجوشن، وأمر الرماة أن يرشقوه بالنبل من بعيد، وصاح بمن حوله: ـ « ويحكم !.. ماذا تنتظرون بالرجل ؟.. اقتلوه ثكلتكم أُمّهاتكم ! ». فاندفعوا إليه تحت عيني شمر مخافة من وشايته وعقابه.. وضربه زرعة بن شريك التميمي على يده اليسرى فقطعها، وضربه غيره على عاتقه فخرّ على وجهه، ثمّ جعل يقوم ويكبو وهم يطعنونه بالرماح ويضربونه بالسيف حتّى سكن حراكه([441]).