أُميّة([404]). * * * وينبغي أن نفهم ذلك على وجه واحد لا سبيل إلى فهمه بغيره، وهو نكسة الشرّ في النفوس البشريّة حين تلج بها مغالطة الشعور، وحين تغالب عنانها حتّى تعييها المغالبة، فينطلق بها العنان. فالرجل الخبيث المعرق في الخباثة قد يتصرّف في خلوته تصرّف الأنذال ثمّ لا يبالي أن يعرف نذالته وهو بنجوة من أعين الرقباء. ولكن أربعة الآلاف لا يتصارحون بالنذالة بينهم ولا يقول بعضهم لبعض: إنّهم يعملون ما يستحقّون به التحقير والمهانة ولا تقبل لهم فيه معذرة ولا علالة. وإنّما شأنهم في هذه الحالة أن يصطنعوا الحماسة ويجاهدوا التردّد ما استطاعوا ليظهروا في ثوب الغلاة المصدّقين الذين لا يشكّون لحظة في صدق ما يعملون، فيغمض الرجل منهم عينيه ويستتر بغشاء من النفاق حتّى ليوشك أن يخدع نفسه عن طويّة فؤاده. وتلك لجاجة المغالطة في الشعور. أمّا مجاذبة النفس عنانها وانطلاقها بعد هذه المجاذبة المخفقة، فالشواهد عليها كثيرة فيما نراه كلّ يوم.. يحاول الرجل أن يجتنب الخمر فلا يستطيع، فإذا هو قد خلع العذار([405])