إلاّ ما يوائم لئيمين لا يتّفقان على خير. وكأنّما جنح عبيد الله إلى شيء من الهوادة حين جاءه كتاب عمر بن سعد، فابتدره شمر ينهاه ويجنح إلى الشدّة والاعتساف، فقال له: ـ « أتقبل هذا منه وقد نزل بأرضك وإلى جنبك ؟! والله لئن رحل من بلادك ولم يضع يده في يدك ليكوننّ أولى بالقوّة والعزّة ولتكوننّ أولى بالضعف والعجز.. فلا تعطه هذه المنزلة، ولكن لينزل على حكمك هو وأصحابه، فإن عاقبت كنت ولي العقوبة، وإن عفوت كان ذلك لك ». ثمّ أراد أن يوقع بعمر ويتّهمه عند عبيد الله ; ليخلفه في القيادة ثمّ يخلفه في الولاية، فذكر لعبيد الله أنّ الحسين وعمر يتحدّثان عامّة الليل بين المعسكرين. فعدل عبيد الله إلى رأي شمر وأنفذه بأمر منه أن يضرب عنق عمر إن هو تردّد في إكراه الحسين على المسير إلى الكوفة أو مقاتلته حتّى يقتل. وكتب إلى عمر يقول له: « أمّا بعد: فإنّي لم أبعثك إلى الحسين لتكفّ عنه ولا لتمنّيه السلامة والبقاء ولا لتطاوله ولا لتعتذر عنه ولا لتقعد له عندي شافعاً.. انظر فإن نزل الحسين وأصحابه على الحكم واستسلموا فابعث بهم إليَّ مسلّماً، وإن أبوا فازحف إليهم حتّى تقتلهم وتمثّل بهم، فإنّهم لذلك مستحقّون. فإن قتل الحسين فأوطئ الخيل صدره وظهره، فإنّه عاق مشاق قاطع ظلوم.. فإن أنت مضيت لأمرنا جزيناك جزاء السامع المطيع، وإن أنت أبيت فاعتزل