وانطلق جنده في المدينة إلى جوار قبر النبي يأخذون الأموال ويفسقون بالنساء، حتّى بلغ القتلى في تقدير الزهري سبع مائة من وجوه الناس وعشرة آلاف من الموالي([291]). ثمّ كتب إلى يزيد يصف له ما فعل وصف الظافر المتهلّل، فقال ـ بعد كلام طويل ـ: « فأدخلنا الخيل عليهم، فما صلّيت الظهر ـ أصلح الله أمير المؤمنين ـ إلاّ في مسجدهم ! بعد القتل الذريع والانتهاب العظيم، وأوقعنا بهم السيوف، وقتلنا من أشرف لنا منهم، واتّبعنا مدبرهم، وأجهزنا على جريحهم، وانتهبناها ثلاثاً كما قال أمير المؤمنين أعزّ الله نصره، وجعلت دور بني الشهيد عثمان بن عفّان في حرز وأمان، والحمد لله الذي شفا صدري من قتل أهل الخلاف القديم والنفاق العظيم، فطالما عتوا وقديماً ما طغوا ! أكتب هذا إلى أمير المؤمنين وأنا في منزل سعيد بن العاص مدنفاً مريضاً ما أراني إلاّ لما بي، فما كنت أُبالي متى متّ بعد يومي هذا »([292]). * * * وكلّ هذا الحقد المتأجّج في هذه الطوية العفنة إنّما هو الحقد في طبائع المسخاء الشائهين.. يوهم نفسه أنّه الحقد من ثأر عثمان أو من خروج قوم على ملك يزيد. وكان عبيد الله بن زياد متّهم النسب في قريش ; لأنّ أباه زياداً كان