ولقد كان لمعاوية مشيرون من ذوي الرأي كعمرو بن العاص والمغيرة ابن شعبة وزياد بن أبيه وأضرابهم من أُولئك الدهاة الذين يسمّيهم التأريخ أنصار دول وبناة عروش. وكان لهم من سمعة معاوية وذرائعه شعار يدارون به المطامع ويتحلّلون من التأثيم. لكنّ هؤلاء بادوا جميعاً في حياة معاوية([285])، ولم يبق ليزيد مشير واحد ممّن نسمّيهم بأنصار وبناة العروش، وإنّما بقيت له شرذمة على غراره أصدق ما توصف به أنّها شرذمة جلاّدين، يقتلون من أُمروا بقتله ويقبضون الأجر فرحين. فكان أعوان معاوية ساسة وذوي مشورة، وكان أعوان يزيد جلاّدين وكلاب طراد في صيد كبير. وكانوا في خلائقهم البدنيّة على المثال الذي يعهد في هذه الطغمة من الناس، ونعني به مثال المسخاء المشوّهين، أُولئك تمتلئ صدورهم بالحقد على أبناء آدم ولاسيّـما من كان منهم على سواء الخلق وحسن الأُحدوثة، فإذا بهم يفرغون حقدهم في عدائه وإن لم ينتفعوا بأجر أو غنيمة، فإذا انتفعوا بالأجر والغنيمة فذلك هو حقد الضراوة الذي لا تعرف له حدود.