والبلاء. كما فعل الحرّ بن يزيد الرياحي في كربلاء وقد رأى القوم يهمّون بقتل الحسين ولا يقنعون بحصاره، فسأل عمر بن سعد([282]) قائد الجيش: « أمقاتل أنت هذا الرجل ؟ »، فلمّا قال: « نعم » ترك الجيش الأُموي، وذهب يقترب من الحسين حتّى داناه، فقال له: « جعلت فداك يا ابن رسول الله، أنا صاحبك حبستك عن الرجوع وجعجعت([283]) بك في هذا المكان، وما ظننت أنّ القوم يردّون عليك ما عرضته عليهم، ووالله لو علمت أنّهم ينتهون بك إلى ما أرى ما ركبت مثل الذي ركبت، وإنّي تائب إلى الله ممّا صنعت، فهل ترى لي من توبة ؟ »، فقبل الحسين توبته، وجعل الرجل يقاتل من ساعتها حتّى قتل، وآخر كلمة على لسانه فاه بها: « السلام عليك يا أبا عبد الله ! »([284]). * * * فمجمل ما يقال على التحقيق: أنّه لم يكن في معسكر يزيد رجل يعينه على الحسين إلاّ وهو طامع في مال مستميت في طمعه استمامة من يهدر الحرمات ولا يبالي بشيء منها في سبيل الحطام.