فإنّ قلوبهم تهوى إليك وسيوفهم غداً مشهورة عليك »([280]). وقد أصاب الفرزدق وأصاب مجمع بن عبيد، فإنّ الناس جميعاً كانوا بأهوائهم وأفئدتهم مع الحسين بن علي ما لم تكن لهم منفعة موصولة بملك بني أُميّة، فهم إذاً عليه بالسيوف التي تشهرها الأيدي دون القلوب. وقد أُعظمت الرشوة للرؤساء وأُعظمت لهم من بعدها الوعود والآمال، فعلموا أنّ دوام نعمتهم من دوام ملك بني أُميّة. فأمّا الرؤساء الذين كانت لهم مكانتهم بمعزل عن الملك القائم، فقد كانوا ينصرون حسيناً ولا ينصرون الأُمويين، أو كانوا يصانعون الأُمويين ولا يبلغون بالمصانعة أن يشهروا الحرب على الحسين. ومن هؤلاء هانئ بن عروة من كبار الزعماء في قبائل كندة، وشريك ابن الأعور، وسليمان بن صرد الخزاعي([281])، وكلاهما من ذوي الشرف والدين. بل كان من العاملين لبني أُميّة من يخزه ضميره إذا بلغ العداء للحسين أشدّه، فيترك معسكر بني أُميّة ليلوذ بالمعسكر الذي كتب عليه الموت