النكول والشماتة بجيش المسلمين بعد شيوع مقاله في خلواته([271]). * * * ومن أعجب عجائب المناقضة التي تمّت في كلّ شيء بين الحسين ويزيد أنّ يزيد لم يختص بمزية محمودة تقابل نظائرها من مزايا الحسين، حتّى في تلك الخصال التي تأتي بها المصادفة ولا فضل فيها لأصحابها ومنها مزية السنّ وسابقة الميلاد. فلمّا تنازعا البيعة كان الحسين في السابعة والخمسين مكتمل القوّة ناضج العقل وافي المعرفة بالعلم والتجربة، وكان يزيد في نحو الرابعة والثلاثين لم يمارس من شؤون الرعاة ولا الرعيّة ما ينفعه بين هؤلاء أو هؤلاء. ومزية السنّ هذه قد يطول فيها الأخذ والردّ بين أبناء العصور الحديثة، ولكنّها كانت تقطع القول في أُمّة العرب حيث نشأ الأسلاف والأخلاف على طاعة الشيوخ ورعاية الأعمار.. وهذا على أنّ السابعة والخمسين ليست بالسنّ التي تعلو بصاحبها في الكبر حتّى تسلبه مزية الفتوّة ومضاء العزيمة. كذلك لا يقال: إنّ الوراثة المشروعة في الممالك كان لها شأن يرجح بيزيد على الحسين في ميزان العروبة والإسلام([272]). فقد كان توريث معاوية ابنه على غير وصية معروفة من السلف