كدأب علي في المواطن قبله *** ـ أبي حسن ـ والغصن من حيث يخرج كأنّي أراه إذ هوى عن جواده *** وعفّر بالترب الجبين المشجّج فحبّ به جسماً إلى الأرض إذ هوى *** وحبّ به روحاً إلى الله تعرج([200]) * * * وقد أصاب ابن الرومي الوصف والتعليل، فما كان كلّ من يحيى ولا أسلافه من قبله إلاّ عليّاً صغيراً يتأسّى بعلي الكبير، أو غصناً زاكياً يخرج من دوحته الكبرى، « والغصن من حيث يخرج » كما قال، ولولا قوّة هذه الطبائع في أساس الأُسرة الطالبيّة لما انحدرت على هذه الصورة الواضحة بعد ستّة أجيال. فنحن نرى يحيى بن عمر بعد هذه الأجيال ـ وهو بعموده الحديدي وجرأته التي لا تتزعزع ويقينه الذي لا يلوى به الإغراء والوعيد ـ كأنّما هو نسخة أُخرى من جدّه الكبير الذي يحمل باب خيبر وقد أعيا حمله الرجال([201])، وينهد لعمرو بن ود وقد تهيّبه مئات الأبطال، ويتوسّط الصفوف