الزمان حتى ظهرت الحاجة ملحة إلى إحياء تلك الفكرة وتدعيمها حتى تكون أداة لجمع شمل الأمة الإسلامية في مواجهة التكتلات الدولية التي استقرت لغة الخطاب الدولي عليها لتكون هي واجهة التعامل الدولي في مستهل الألفية الثالثة. وهذه الدراسة تجيء في إطار تلك الغاية، ولا يثنيها عن ذلك المقصد الأسمى أن تكون دائرة حول شخصية الإمام محمود شلتوت وأثره في الفقه المقارن وفكرة التقريب؛ لأن الربط بين شخصية الإمام وتلك الفكرة لا يمكن إنكاره، كما لا يمكن إنكار أثر دراستها في تدعيمها. أسأل الله التوفيق والهداية والقبول، إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير. الفصل الأول: التعريف بالإمام الأكبر محمود شلتوت رحمه الله هو الإمام الجليل والفقيه الكبير، صاحب الثقافة الإسلامية الواسعة والأفق العلمي الرحب، والشخصية القوية، والأسلوب البليغ، والصوت القوي المعبر، والحجة البالغة، إنه الإمام الأكبر شيخ الأزهر الأسبق الشيخ محمود شلتوت ـ رحمه الله وطيب ثراه. مولده ولد الإمام الأكبر محمود شلتوت سنة 1893م في قرية منية بني منصور التابعة لمركز إيتاي البارود بحيرة، وقد بدأت أولى خطوات العلمية بحفظ القرآن الكريم، شأنه في ذلك شأن اقرانه من طلاب العلم الذين لم يكن ليستقيم لهم طلبه إلا بحفظ كتاب الله ـ تعالى ـ، وبعد الانتهاء من حفظ القرآن الكريم، التحق بمعهد الإسكندرية سنة 1906م طالباً صغيراً يطلب العلم، لكنه اللهم وإن كان صغيراً في سنه اللهم، إلا أنه كان كبيراً في فهمه وقوة عقله وحدة ذكائه فظهرت عليه دلائل النبوغ منذ بواكير حياته، حيث كان متفوقاً في دراسته وكان أول دفعته في جميع المراحل، وظل على منوال هذا التفوق حتى نال شهادة العالمية سنة 1918م، وكان أول الناجحين فيها.