حياته العملية بعد التخرج بعد أن حصل الإمام محمود شلتوت على شهادة العالمية عين مدرساً علمياً بمعهد الإسكندرية الديني في أوائل سنة 1919م، وكان هذا المعهد يعد مركزاً علمياً راقي المستوى في ذلك الوقت، وربما تجاوز برفعة مكانته العلمية ما تحتله جامعة علمية متكاملة الخصائص الآن، حيث كان أساتذة هذا المعهد من كبار العلماء، وكان لا يحتوي بين أعضاء هيئة التدريس به إلا من عرف عنهم كثرة العلم من خريجي الأزهر الشريف ولقد صادف تعيينه بالمعهد الاسكندري في هذا العام، اندلاع الثورة الشعبية المصرية القوية بزعامة سعد زغلول، وامتدت الثورة ضد الاحتلال الانجليزي فشملت الشعب كله بجميع طوائفه، وقام الإمام الجليل بدوره في تلك الثورة على أتم وجه، وشارك فيها بقلمه ولسانه، وكان له في كل موقف جرأة معهودة. وحين تولى الإمام المراغي مشيخة الأزهر قام بنقله إلى القاهرة مدرساً للقسم العالي، الذي كان يرأسه في ذلك الوقت الأستاذ الجليل الشيخ عبد المجيد سليم الذي ولى مشيخة الأزهر فيما بعد، وبهذا النقل أصبح قريباً من الإمام المراغي وبحكم هذا القرب غدا أحد جنوده من العلماء النجباء في حركته التي تبناها لإصلاح الأزهر، فأيده في مذكرته التي تقدم بها لهذا الإصلاح، ودعا بكل ما أوتي من علم وقدرة على الإقناع إلى الأخذ بالمبادئ القيمة التي تضمنتها، بيد أن هذه الحركة لم تلق ارتياحاً من الملك فؤاد، كما حاربها بعض رجال الأزهر، وانتهى الأمر باستقالة الشيخ المراغي رغم مكانته العلمية وثقله الكبير في الوسط الأزهري، ولما ولى الشيخ الظواهري مشيخة الأزهر، وكان من المؤيدين لحركة الإصلاح التي قادها الشيخ المراغي، إلا انه كان يرى ضرورة التأني مراعاة للظروف، وحتى يتم التفاهم بين أولياء الأمور في تدبير خطوات هذا الإصلاح، مما أثار ضده كثيراً من المتحمسين للإصلاح الفوري من العلماء والطلاب وثاروا لذلك، فقابل ثورتهم بالشدة وفصل المتزعمين لتلك الثورة ومنهم الإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت. اشتغل بالمحاماة بعد فصله من الأزهر، وزامل في هذا العمل صديقه الشيخ علي عبد الرزاق وزير الأوقاف الأسبق، فزادته تلك المهنة معرفة دقيقة لطبائع النفوس كما