من القواعد العامة التي ترمى إليها روح الدين عامة; وهذا الصنيع لم يكن من هؤلاء الأئمة وفي معتقدهم إلا اجتهادا فرديا، لا يوجب واحد منهم على أحد من الناس أن يتبعه; بل تركوا لغيرهم ممن له أهلية الفهم وحرية التفكير والنظر. أما العقائد الأصلية كالإيمان بالله واليوم الآخر، وأصول الشريعة كوجوب الصلاة والزكاة وحرمة النفس والعرض والمال، فإن نصوصها جاءت في القرآن بينة واضحة لا تحتمل اجتهادا ولا إبهاما. ومن هنا كثرت الآراء والمذاهب فيما يتصل بالفروع التابعة للعقائد الأصلية وفيما يتصل بالعمليات التابعة لأصول الشرائع والأحكام. دعوته إلى الاجتهاد كان الشيخ شلتوت يرى أن الفقه في عصوره المتأخرة أصابه الجمود والعصبية المذهبية والجمود عند أراء السابقين بعد مضي عصورها الأولى التي تميزت بالمرونة ومسايرة الأحداث التي تستجد منها يقول: لقد مضى هذا الزمن – زمن الفقهاء الأولين وصار الفقه صناعة علمية مجردة عن المعاني النفسية والفقهية، بل صار الفقه في كثير من نواحي الحياة العملية صفحات تاريخية لا تمت إلى الواقع بأدنى سبب. وانحاز الناس جميعا في تعاملهم وأحكامهم إلى أحكام أخرى يسيرون عليها في حياتهم ويضبطون بها شؤونهم غير ذاكرين ما عندهم من فقه يساير أرقى الحضارات التي مرّت بالعالم الإسلامي، وتساير ما يمكن أن يتاح للعقل البشري من حضارات وهي أرقى مما عرفه العالم بعد([26]). كان ذلك النقد للفقه الإسلامي دعوة إلى بذل الجهد في هذا الفقه على اختلاف مذاهبه وتحصيله وعرضه بالطريقة التي تبرزه وتبين أهدافه ومراميه – وما عالجه من مشاكل وما يمكن أن يواجهه من الحوادث التي وقعت في زماننا وأسبغنا عليها أحكاما تتناقض مع شريعة الله. وأعرب الإمام شلتوت عن نزعته التجديدية حين تقدم باقتراح إلى هيئة كبار العلماء