الهويات الثقافية بالقيام بوضع علوم جديدة لحماية هويتها الثقافية الإسلامية من تسرّب عناصر أجنبية إليها.. ولو أنهم خافوا من وصف عملهم بالبدعة لهددت تلك الهويات الثقافية أسس الإسلام ذاته بالانحلال. ومع محاربة التجديد باسم البدعة وزوال الخلافة الإسلامية أصبحت المدنية الإسلامية ضعيفة ومتقلصة ومنكفلة على بعض المعاهد العلمية. وفي القرن الثامن عشر قويت بعض المذاهب في بعض أركان العالم الإسلامي وراحت تنشط لتحارب المجتهدين وأصحاب النظرات التجديدية بل وزادت وفق ميولها السياسية أن نشطت حركة (صراع التراث مع التراث) فجعلت ابن تيمية وابن عبد الوهاب هما وحدهما الأداة الصالحة لفهم الفكر الإسلامي. من هنا بدأت العلاقة بينهما وبين التراث علاقة جدلية فحاربوا مذاهب السنة بالتراث وبالتالي شددوا نكيرهم على البدعة أي مناهج الإصلاح الديني إذا لم تكن من منظور سلفى. ثم قويت روح المجتمع الإسلامي لمحاربة البدع مع الهيمنة الاستعمارية زاد النضال ضد البدع كما زاد النضال ضد العادات المفروضة من قبل الغرب وسيلة لحماية الهوية الإسلامية ثم بدأت تأخذ شكل الإدانة. وما أن بدأت الهيمنة الاستعمارية تخف وطأتها عن صدر الأمة العربية الإسلامية حتى بدأ النموذج القومي إحياء القوميات الإقليمية وهو نموذج تاريخي من الغرب استعارته البلدان الإسلامية من القوميات الأوربية التي نشأت وتبلورت في القرن التاسع عشر. ويبدو أن القضاء المفاجئ على دولة الخلافة السنية 1258 عندما دخل الغزاة المغول إلى بغداد. قد حاول العثمانيون بعث الخلافة من جديد بصفتها سلطة مركزية تمارس دورها على الدولة الإسلامية. ولكنهم لم يجرؤوا على استعادة لقب الخليفة، ولا حتى لقب الإمام وإنّما اكتفوا بلقب السلطان والسلطنة التي ألغاها أتاتورك 1923. ومع القوميات استيقظ خطر الهويات الثقافية واللغوية وخاصة مع المطالب القومية التي رفعتها شعارا للتحرر من المستعمر الأجنبي رغم أن القوميات الأوربية اصطدمت بالتوترات