وكان فصل الدين عن الدولة جذرياً في البلاد الإسلامية الواقعة تحت الاحتلال السوفيتي. ولكن الأمر هنا لا يتعلق بإصلاح حقيقي لسان حال التطور الروحي للشعوب، بل بثورة اجتماعية فرضتها دولة أجنبية. وحمل بذور العلمانية «المستغربون» فظهرت بوادرها في غالبية الدول الإسلامية.. وتتابع الصراع بين «المستغربين» وبين المصلحين المجددين. ومع الصراع الحاد كان الإسلام قد دخل المسرح السياسي والاجتماعي والثقافي وواجه المشكلات التي جدت على المجتمع الإسلامي دون أي تصدع في قواه بل كان قويا قائدا رائدا وظهر تأثيره على الشعوب الإسلامية أكثر قوة مما كان ظن «المستغربين». ومازال الصراع يتذبذب بين قطبي التطور الفكري في البرلمان. في الشارع وفي المؤسسات التعليمية والثقافية إنهما يتصارعان في قلب المسلم ويتقاذفا الاتهامات: فهذا يتهم ذاك بالرجعية، وذاك يتهم هذا بالجرى وراء الغرب. التجديد والبدعة: صراع التراث مع التراث؟؟([19]) وكانت كل ممارسة من قبل رجال التجديد خارجة عن التراث ترفض باسم البدعة. وقد سوغ الفقهاء الذين كانوا يحافظون على الفقه المذهبي وكانوا يشددون النكير على الخروج على حدود المذاهب الأربعة ويعلنون محاربتهم للآراء الجديدة باسم محاربة البدع بهدف حماية العقائد. وهم يعتقدون أن التراث ينبغي أن يتغلب على كل بدعة. وكان المجدّدون أنفسهم يرون أن البدعة منها ما يتعارض مع النص وهي البدع السيئة فقط التي تحفل بالخرافات وتجمد العقل وتحبب الركون إلى الآراء السقيمة. وفي مرحلة الفتوح الإسلامية للشعوب الجديدة التي اعتنقت الدين الجديدة، رأى الفقهاء من أجل سيادة القانون الديني في مواجهة الهويات الثقافية لتلك الشعوب أن ينهضوا أمام تلك