التنفيذ، لولا أن المنية عاجلته فمات دون أن تتحقق أمنيته. وقد أشارات كتابات الفقيه السني عبد الله بن حسين السويدي، الذي كان معاصرا لتلك الفترة، إلى أن نادر شاه عقد مجمعا دينيا جمع فيه فقهاء الفريقين. وقد اتفق هؤلاء الفقهاء على ضم التشيع إلى المذاهب السنية، وجعله مذهبا خامسا يقبل به المسلمين كافة. وقد صارت من السهل بعد قليل – بموجب هذا الاتفاق – أن يخصص مقام خامس للمذهب الجعفري في دائرة الحرم المكي بجوار مقامات المذاهب الأربعة السنية. وصار لزاماً منذ ذلك الوقت الإقرار بسنية هذا المذهب. امتدح المستشرق المجري هذه الخطوة لكنه قال إن حلم التوفيق بين الطرفين كان أمنية بعيدة. ذلك أن «الحقد المتوارث الذي يحمله كلا الفريقين للآخر والضغائن التي شطرت فقهاء المذهبين شطرين، جعلتهم بعد موت نادر شاه لا يتصوبون سياسة التسامح والوفاق». علق الشيخ الغزالي على ما كتبه جولد تسيهر قائلا: لقد أحسست وخزا في فؤادي وأنا أقرأ كلمة الإسلام الشيعي والإسلام السني، التي ترددت على لسان المستشرق المجري مراراً. وتساءل: ما الذي حدث حتى نكب الإسلام بهذه الفرقة؟ ـ في رده قال: الحقيقة أن هناك أناساً لا يتقون الله في دينهم ولا في أمتهم، أطلقوا غيوماً داكنة من الإشاعات والظنون، كانت العملة الدفينة في تمزيق الشمل، وملء الرؤوس بطائفة من التصورات الباطلة والمشاعر المنحرفة. وجماهير العامة ـ للأسف الشديد ضحايا لتجاذب متبادل لا أساس له، ويوم ينكشف الغطاء عن الحقيقة، سيحزن كثيرون لما أرسلوا من أحكام وأطلقوا من عبارات. في هذا المعنى كتب الشيخ محمد تقي القمي يقول: كان الوضع قبل تكوين جماعة التقريب يثير الشجن. فالشيعي والسني كل كان يعتزل الآخر. وكل كان يعيش على أوهام ولدتها في نفسه الظنون، أو أدخلتها عليه سياسة الحكم والحكام، أو زيفتها له الدعاية المغرضة. .. كان يسود الفريقين جو من الظلام، فلا يرى أحدهما في صورة الآخر إلا شبحاً تحوطه الظلمة، ولا يتكلم عنه إلا بما توحى به الظلمة، ولا يقرأ عنه إلا ما تسمح به حلكة