وإذا ألقينا نظرة ثانية على ما حققته اللجنة في عمرها القصير، نلاحظ ما يلي: ـ أنها أحيت فكرة التقريب، وجمعت من حولها كبار علماء السنة والشيعة، وكان عملها هذا أهليا محضا، حركته الغيرة على الإسلام والمسلمين، ولم تكن لهذا العمل علاقة بأي نظام سياسي أو مؤسسة رسمية. ـ أنها طرحت مشروعها من خلال مجلة «رسالة الإسلام»، التي ظلت تخاطب المسلمين كافة طيلة أربعة عشر عاما. ـ أنها نجحت في ضم الفقه الشيعي إلى المذاهب الإسلامية الأخرى التي تخضع للدراسة في منهج الفقه المقارن بالأزهر الشريف. ـ أنها قطعت شوطا كبيرا بإصدار تفسير للقرآن متفق عليه، وسعت إلى تحقيق الفكرة نفسها عن طريق تجميع الأحاديث النبوية المتفق عليها أيضاً. معنى ذلك أن جماعة التقريب أنجزت خطى بالغة الأهمية على صعيد تحويل التقريب من حلم وفكرة، إلى عمل مشترك جاد، تبلور في مجموعة من الآثار العلمية التي بقيت لأجيال المسلمين إلى يوم الدين. -4- إذا كان تفسير الطبرسي نموذجا للعمل العلمي الذي ترجم عملية التقريب، فإن الأفكار التي طرحتها مجلة «رسالة الإسلام» تمثل صلب المشروع، وتعكس كيفية رؤية أصحابه له، ولذلك فإنها تعد بحق صوت التقريب، الأمر الذي يجعلها جديرة بأن تصبح مادة للدراسة المعمقة. ولذلك فهي بحاجة إلى وقفة أطول. إن قارئ أعداد المجلة يلاحظ أنها ظلت طيلة الأربعة عشر عاما تتحرك على محاور عدة، في مقدمتها خمسة، سنعرض لها بالتوالي هي: ـ استنكار فُرقة المسلمين. ـ الدفاع عن الحق في الاختلاف. ـ رفض توحيد المذاهب.