لها، فقد بين النظام الأساسي للجمعية أنها تتطلع إلى ما هو أبعد من جمع كلمة المسلمين باختلاف طوائفهم ومذاهبهم. إذ لم يكتف المؤسسون بذلك الهدف الجليل، وإنّما طمحوا لأن يصبح الكيان الجديد بمثابة رابطة أو جامعة للشعوب الإسلامية تتجاوز حدود مصر. فقد نصت المادة الخاصة بأغراض الجماعة على أن من تلك الأغراض (السعي إلى إزالة ما يكون من نزاع بين شعبين أو طائفتين من المسلمين والتوفيق بينهما) و .. (عقد مؤتمرات إسلامية عامة تجمع زعماء الشعوب الإسلامية في الأمور الدينية والاجتماعية). فضلا عن ذلك فإن الجمعية أرادت أن تقوم بدور في الدعوة إلى الإسلام عن طريق «نشر المبادئ الإسلامية باللغات المختلفة وبيان حاجة المجتمع إليها». -3- ما الذي فعلته هذه الكوكبة من الرجال الذين التقوا على فكرة التقريب بين المذاهب، وراودهم حلم توحيد الأمة وجمع كلماتها؟ إن كل من تحدث في موضوع التقريب لابد أن يتوقف أو ينطلق من الفتوى التي أصدرها الشيخ محمود شلتوت بعدما صار شيخا للأزهر، وهي الأولى من نوعها – في حدود علمي – التي أجازت التعبد على مذهب الشيعة الإمامية والزيدية. وكثيرون ينسون أن الشيخ شلتوت – رحمه الله – كان من مؤسسي جماعة التقريب بين المذاهب، وأن الفتوى من ثمار جهد علمائها الذي تواصل حثيثا لمدة عشرين عاما تقريبا. إلى جانب الفتوى، فإن جماعة التقريب أصدرت مجلة جامعة باسم «رسالة الإسلام»، ظلت تصدر طيلة أربعة عشر عاما. كما أنها اعتمدت تفسير للقرآن اجتمع عليه علماء السنة والشيعة هو تفسير «مجمع البيان في تفسير القرآن للطبرسي»، الذي استغرق تهيئته للنشر مدة عشرين عاما. وأشرف على هذه العملية ثلاثة من أكابر علماء الأزهر هم الشيوخ: عبد المجيد سليم ومحمود شلتوت ومحمد المدني. وفي حدود علمي فإنهم شرعوا في تجميع الأحاديث النبوية المتفق عليها بين السنة والشيعة، وقطعوا شوطا طيبا في هذا الصدد، رغم أن هذا الجهد لم ير النور بعد.