نصاً قطعياً من كتاب أو سنة، ولا يسعه ان يعرض عن دليله، فقد يكون هذا الدليل سليماً، ولو أن فقيهاً باحثاً ارتضى لنفسه أن يغض النظر عن قول غيره ودليل غيره، لكان من الذين قال الله فيهم (إلا إنهم يستغشون ثيابهم ليستخفوا منه) ولاشك أن منهجه حينئذ لا يكون إلا منهجاً فاسداً غير معتد به من العلماء. وأما استقامة هذا المنهج من الناحية الإسلامية، فلأن المسلمين أمة واحدة لا ينبغي التفريق بينهم، بل ينبغي أن ينظر كل فريق منهم إلى الفريق الآخر على أنهم جميعاً إخوة متعاونون على معرفة الحق، والعمل به، ولا يستقيم ذلك إلا إذا كان أهل القبلة جميعاً، وأهل الدين الواحد، والأُصول المشتركة احراراً في الادلاء بآرائهم ما دامت في الدائرة الإسلامية، وقد اسفر هذا الاتجاه بعد تأسيس لجنة التقريب بين المذاهب إلى ما أطلق عليه مشروع ـ شلتوت ـ القمي، والذي استهدف جمع الأحاديث النبوية، ومراجعة السنة المطهرة والتي اتفق عليها علماء الشيعة والسنة، لتكون مصدراً لأبناء الإسلام على اختلاف مذاهبهم الكلامية والفقهية، وهو مشروع لم يقدر له أن يكتمل، ولعل ما قدمه العلامة اليمني علي بن إسماعيل الصنعاني، في كتابه (رأب الصدع)، والذي صدر في ثلاثة مجلدات شرحاً وتخريجاً وتحقيقاُ لآمالي الإمام احمد بن عيسى، لعل هذا الكتاب يكون إحياء جزئياً لمشروع شلتوت ـ القمي، خاصة وأن صاحب الكتاب كان العضو الزيدي في دار التقريب بين المذاهب. ب ـ فتواه بجواز التعبد بمذهب الشيعة الإمامية، وهي فتوى كان لها صداها في العالم الإسلامي، وقد كتب إليه بعدها الشيخ احمد عارف الزيني صاحب مجلة العرفان قائلاً: (فأنا باسم علماء الشيعة جميعاً في لبنان وسوريا والعراق وإيران، أمد يدي مصافحاً وأفتح قلبي وصدري داعياً ومؤيداً، وأعدكم أن أعمل في مجلتي، وبنفوذي الديني والدنيوي للوصول بكافة الطرق إلى ما تصبو إليه نفسك ونفسنا من العودة بالمسلمين جميعاً إلى جوهر الدين وتعاليمه السامية، إلى كتاب الله وسنة رسوله لا فرق بين سني وشيعي). فرد على رسالته الشيخ شلتوت قائلاً: إن المسلمين يا أخي قد استناموا في كثير من حقب تاريخهم إلى سوء حالهم الناجم عن فرقتهم وتقطيع الروابط بينهم، والاستجابة إلى نداء عدوهم الماكر المتربص بهم، وقد طال عليهم الأمد في ذلك حتى ضعفوا واستكانوا وظنوا