نحو يجعلها معقولة فقهاً، ومقبولة واقعاً، ويمكن تلخيص خطوطها فيما يلي: أ ـ أن كل فريق من أهل السنة والشيعة يرى المجتهد الآخر مأجوراً فضلاً عن أن يكون خطؤه معفواً عنه، فإذا علم أتباع المذاهب الفقهية ذلك لم يكن لهم بد من احترام بعضهم بعضاً. ب ـ أن كل واحد من الفريقين يفتح المجال للنظر والاجتهاد وبذل الوسع في معرفة الحق، فليس المرجع في حكم من الأحكام، أو رأي من الآراء إلى أنه مذهب فلان أو فلان، ولكن إلى خطة من الدليل والبرهان. ج ـ ثبت من استقراء أحكام المذاهب الفقهية، وآراء الفرق الكلامية، أن في كل منها خطأ وصواباً، فلا يوجد مذهب خطأ كله أو صواب كله، وإذا كان الأمر كذلك فلا ينبغي ان تطغى العصبية على المسلمين، بل الواجب على المسلمين أن يأخذوا بما اظهر البرهان صوابه. وهذه المنهجية سرت في الحياة الفقهية في كلية الشريعة تحت رعاية الشيخ المراغي والأشراف المباشر للشيخ عبد المجيد نفسه الذي كان وكيلاً لكلية الشريعة، وهي مهمة قام بها نخبة من العلماء على قمتهم الشيخ محمود شلتوت ومنهم عبدالله المراغي، ومصطفى حبيب، وفرج السنهوري، وعلى الخفيف، وقد عملوا جميعاً على تزويد العقلية الفقهية في الأزهر بالروح الاجتهادية المتصلة بكافة المذاهب، والتي تعرف حق جميع الأئمة دون قيد مذهبي، فاستمر الانتماء وتراجع التعصب، وعندما جاء عام 1948 حيث أعلن تأسيس جماعة التقريب بين المذاهب، كانت الأرض قد مهدت لها بإنتاج فقهي، وبيئة علمية، جعلتها تسير على أرض ثابتة رغم هجوم يأتيها من هنا ومن هناك، حيث اعتبرها البعض فكرة شيعية، وكان (محب الدين الخطيب) على عادته جارحاً في نقده متطرفاً في أفكاره، وكان رد (أبو محمد الخاقاني) والمطبوع في قم سنة 1391 هـ تحت عنوان (مع الخطوط العريضة) عنيفاً في نقده غير موفق في بعض ردوده، ولكن الفكرة كانت قد ترسخت، فسرت في نصوص التشريع، ومقررات الدراسة، وكتابات الفقهاء.