1ـ فكرة التقريب كان الشيخ المراغي مشغولاً بمعركة الأزهر بأبعادها السياسية، والإصلاحية، وكان الشيخ محمود شلتوت من أكبر مناصريه، ناصره في مذكرة الإصلاح وكان أول الكاتبين للرد على ناقديه، وناصره في قوانين الأحوال الشخصية وكان يفتي بمثل ما يراه، وناصره فيما كتبه عن ترجمة القرآن، وكتب في مجلة الأزهر عدد صفر 1355 هـ بحثاً أصولياً دقيقاً يحسم فيه قضية الترجمة ويجعل أجازتها فوق مستوى الشك. فلم يكن أفضل من الشيخ محمود ليكون رائد التأليف والتدريس لمادة المقارنة بين المذاهب في كلية الشريعة بعد أن أنشئت الكلية وأصبحت مقارنة المذاهب من مقرراتها الرئيسية، واللافت للنظر أن المقارنة التي حددتها اللائحة الجامعية عام 1935م هي مقارنة بين المذاهب الأربعة واعتبر ذلك تجديداً له شأنه في مجال الدرس الفقهي، ولكن العلامة محمود شلتوت لم يتقيد بمفردات الدرس وإنّما انفرد بمنهجه، واستقل بمفردات من صنعه هو، يقول وهو في (مشيخة الأزهر). ولا أنسى أني درست المقارنة بين المذاهب بكلية الشريعة بالأزهر، فكنت أعرض آراء المذاهب في المسألة الواحدة، وأبرز بينها مذهب الشيعة وكثيراً ما كنت أرجح مذهبهم خضوعاً لقوة الدليل. وهكذا بدأت فكرة التقريب بين المذاهب تدخل في المنهج الدراسي منذ بدأ الشيخ محمود شلتوت يدرس في القسم العالي بكلية الشريعة أي منذ أوائل الثلاثينيات، وكان الشيخ وقتها، على صلة بفقه الشيعة من خلال متونه الأصلية، وبعلماء الشيعة لقاء ومراسلة، وكانت صلة الشيخ محمود شلتوت بشيخه عبد المجيد سليم، والذي كان منزله ملتقى لعلماء الإسلام في كل المذاهب وكان هذا الفقيه الجليل ـ كما قال عنه الشيخ محمود شلتوت (ضليعاً في كافة علوم الإسلام، محيطاً بمذاهب الفقه أصول وفروعاً ـ وقد جعلت هذه الصلة الشيخ محمود شلتوت أميناً على فكرة التقريب بين المذاهب، وأفادته في ترسيخ مبادئها اكبر فائدة. والشيخ عبد المجيد سليم هو الذي رسم الخريطة الأصولية للتقريب بين المذاهب على