أقول: إن تنظيم النسل لشيء من هذا، وهو تنظيم فردي لا يتعدى مجاله شأن علاجي تدفع به إضرار محققة، والتنظيم بهذا المعنى لا يجافي الطبيعة، ولا تأباه الشريعة إن لم تكن تطلبه وتحث عليه، ذلك أن القرآن حدد مدة الرضاع بحولين كاملين، وحذر الرسول صلى الله عليه وسلم من أن يرضع الطفل من لبن الحامل، وهذا يقتضي إباحة العمل على وقف الحمل مدة الرضاع، وإذا كانت الشريعة تتطلب كثرة قوية لا هزيلة، فهي تعمل على صيانة النسل من الضعف، وتعمل على دفع الضرر الذي يلحق الإنسان في حياته، ومن هنا قرر العلماء إباحة منع الحمل ـ مؤقتاً ـ بين زوجين ـ أو دائماً إذا كان بهما أو بأحدهما داء من شأنه أن ينتقل في الذرية والأحفاد. ب ـ في ختان الإناث وهي قضية أثارت مداداً كثراً في الصحف، وجدلاً في السياسة سئل الشيخ محمود شلتوت عن ختان الإناث فقال: كما جاء في كتابه الفتاوى ـ والذي أراه أن حكم الشرع في ختان الإناث لا يخضع لنص منقول، وإنّما يخضع في الذكر والأنثى لقاعدة شرعية عامة، وهي أن إيلام الحي لا يجوز شرعاً إلا لمصالح تعود عليه، وتربو على الألم الذي يلحقه … وانتهى إلى أن ختان الأنثى ليس لدينا ما يدعو إليه، والى تحتمه لا شرعاً، ولا خلقاً، ولا طباً. ج ـ في الفائدة حيث رأى الشيخ جواز الاستقراض بالربح للضرورة والحاجة، وهو رأي يخالف موقفه عام 1950 عندما عارض الفائدة بالإطلاق، وقد انتقد البعض الشيخ، واعتبروا رأيه الجديد تراجعاً، ونحن لا نناقش موضوع الفائدة قبولاً ورفضاً، ولا فتوى الإمام محمود شلتوت، تأييداً أو نقضاً، وإنّما نريد فهم فتواه في ضوء منهجه، الذي يعتمد على الدليل كما يراه الشيخ، وعلى اعتباره اليسر وعدم الحرج من المبادئ العامة في الشريعة، ولهذا المنهج تطبيقات كثير في فتاويه، منها قوله بأن مصافحة المرأة لا تنقض الوضوء، وصحة الصلاة لمكشوف الرأس، ولصاحب الرأس المغطاة سواء كان الغطاء عمامة أو طاقية أو برنيطة، وقال في ذلك (والحق أن أمر اللباس والهيئات الشخصية ومنها حلق اللحية من العادات التي ينبغي أن ينزل