ثم قال الشيخ شلتوت: «ثم يذكر (يعنى الشيخ محمد عبده): أن لأهل هذه الطريقة في أحاديث الرفع والنزول تخريجين: أحدهما أنها آحاد تتعلق بأمر اعتقادي، والأمور الاعتقادية لا يؤخذ فيها إلا بالطقعي، وليس في الباب حديث متواتر، وثانيهما: تأويل النزول». ثم ذكر ما يراه الشيخ محمد رشيد رضا وهو قوله «وجملة القول أنه ليس في القرآن نص صريح في أن عيسى رفع بروحه وجسده إلى السماء حيا حياة دنيوية بحيث يحتاج بحسب سنن الله إلى غذاء… وليس فيه نص صريح بأنه ينزل من السماء، وإنّما هي عقيدة أكثر النصارى، وقد حاولوا في كل زمان منذ ظهور الإسلام بثها في المسلمين، ثم تكلم الشيخ محمد رشيد رضا عن الأحاديث وقال: «إن هذه المسألة من المسائل الخلافية حتى بين المنقول رفع المسيح بروحه وجسده إلى السماء»([110]). وبعدها ذكر الشيخ شلتوت ما أجاب به الشيخ المراغي شيخ الأزهر الشريف عن سؤال رفع إليه، وجاء في إجابته قوله: «ليس في القرآن الكريم نص صريح قاطع على أن عيسى (عليه السلام) رفع بجسمه وروحه، وعلى أنه حي الآن بجسمه وروحه، وقول الله سبحانه: «إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا» الظاهر فيه أنه توفاه وأماته ثم رفعه، والظاهر من الرفع بعد الوفاة أنه رفع درجات عند الله كما قال في إدريس (عليه السلام): «ورفعناه مكانا عليا» وهذا الظاهر ذهب إليه بعض علماء المسلمين، فهو عند هؤلاء توفاه الله وفاة عادية، ثم رفع درجاته عنده، فهو حي حياة روحية كحياة الشهداء، وحياة غيره من الأنبياء، لكن جمهور العلماء على أنه رفعه بجسمه وروحه فهو حي الآن بجسمه وروحه، وفسروا الآية بهذا بناء على أحاديث وردت كان لها عندهم المقام الذي يسوغ تفسير القرآن بها، ثم قال الشيخ المراغي: «ولكن هذه الأحاديث لم تبلغ درجة الأحاديث المتواترة التي توجب على المسلم عقيدة، والعقيدة لا تجب إلا بنص من القرآن أو بحديث متواتر» ثم قال: «وعلى ذلك فلا يجب على المسلم أن يعتقد أن عيسى (عليه السلام) حي بجسمه وبروحه، والذي يخالف في ذلك لا يعد كافرا في نظر الشريعة».