انطبقت عليه، فهو في باطنها إلى أن يخرج قرب يوم القيامة وقيل إنها دابة قديمة خلقت في عهد الأنبياء المتقدمين، وأن موسى سأل ربه أن يريه إياها، فأخرجها ثلاثة أيام ولياليها، تذهب في السماء لا يرى واحد من طرفيها، فرأى عليه السلام منظرا فظيعا، فقال: يا رب ردها، فردها، أو أنها هي الثعبان الذي كان في جوف الكعبة، واختطفته العقارب حينما أرادت قريش بناء البيت الحرام فمنعهم، فألقته العقارب بالحجون، فالتقمته الأرض وهو في باطنها حتى يخرج يوم القيامة». قال الشيخ: «وقد فات المفسرين أن يضعوا حدا لصون التفسير عن هذه الإسرائيليات التي أظلمت الجو على طلاب الهداية القرآنية، وشغلتهم عن اللب والجوهر بما ألصقته بالقرآن. وقصروا جهودهم على النبيين فيما ألصق. وليس هذا خاصا بالدابة، وإنّما هو ريح السموم هبت على كتب التفسير من نواح كثيرة في كل أمر غيبي أخبر به القرآن، ولم يتصل به بيان قاطع عن الرسول عليه السلام، فقد قيل مثله في «يأجوج ومأجوج» وفي «الصور» وفي «اللوح المحفوظ» وفي غيرها. وقد تتبع بعض المفسرين غرائب الأخبار التي ليس لها سند صحيح، وأغدقوا من شرها على الناس وعلى القرآن، وكان جديرا بهم أن يقيموا بينها وبين الناس سدا يقيهم البلبلة الفكرية فيما يتصل بالغيب الذي استأثر الله بعلمه، ولم ير فائدة لعباده في أن يطلعهم على شيء منه، وإذ كان للناس بطبيعتهم ولع بسماع الغرائب وقراءتها، فما أشير أثرها في إلهائهم عن التفكير النافع فيما تضمنه القرآن من آيات العقائد والأخلاق وصالح الأعمال». «والذي أحب أن أقرره هنا بهذه المناسبة فيما أخبر الله به من شؤون الغيب التي لم يتصل بها بيان قاطع عن الرسول من الدابة، والصور، ونحوهما، هو أننا نؤمن به على القدر الذي أخبر الله به دون صرف اللفظ عن معناه، ودون زيادة عما تضمه الخبر الصادق، فنؤمن مثلا بأنه سيكون في آخر الدنيا صور ينفخ فيه فتكون صعقة، ثم ينفخ فيه أخرى فيكون البعث، أما الخوض في حقيقته ومقداره، وكيفية النفخ فيه، أو حمله على أنه تمثيل السرعة إفناء