المصلحة تستغل الأموال المودعة لديها في مواد تجارية([84])، ويندر فيها – إن لم يعدم – الكساد أو الخسران». وقد قصد بهذا الإيداع: أولاً: حفظ ماله من الضياع، وتعويد نفسه على التوفير والاقتصاد وقصد ثانيا: إمداد المصلحة بزيادة رأس مالها، ليتسع نطاق معاملاتها، وتكثر أرباحها فينتفع العمال والموظفون، وتنتفع الحكومة بفائض الأرباح». «ولاشك أن هذين الأمرين: تعويد النفس على الاقتصاد، ومساعدة المصلحة الحكومية غرضان شريفان، كلاهما خبر وبركة ويستحق صاحبهما التشجيع، فإذا ما عيّنت المصلحة لهذا التشجيع قدرا من أرباحها منسوباً إلى المال المودع أي نسبة تريد، وتقدمت إلى صاحب المال، كانت دون شك معاملة ذات نفع تعاوني عام، يشمل خيرهما صاحب المال والمال، والحكومة، وليس فيها مع هذا النفع العام أدنى شائبة لظلم أحد، أو استغلال لحاجة أحد» ولا يتوقف حل هذه المعاملة على أن تندمج في نوع من أنواع الشركات التي عرفها الفقهاء، وتحدثوا عنها وعن أحكامها». ثم قال الشيخ: «ومن هنا تبين أن الربح المذكور ليس فائدة لدين حتى يكون ربا، ولا منفعة جرها قرض حتى يكون حراما على النهى عنه،([85]). وإنّما هو كما قلنا تشجيع على التوفير والتعاون اللذين يستحبهما الشرع»([86]). ثالثاً: إعمال فكره فيما يحل إحدى المشكلات وفق قواعد الفقه الإسلامي ويظهر هذا في رأيه في تكدس لحوم الذبائح بمنى، فيبين رأيه بقوله: «إن هذه المشكلة ليست ناشئة عن أصل التشريع الذي هو خير كله، وإنّما نشأت عن عدم التنظيم، وعدم الإلمام بأحكام الشرع، فإن الشرع لم يطلب من كل حاج أن يذبح، فالذي نوى الحج واستمر على إحرامه حتى أكمل حجه لا يجب عليه ذبح، ولم يوجب أن يكون الذبح – فيما يطلب فيه الذبح – في خصوص منى ولا مجزرتها، ولا في اليوم الأول من أيام النحر، وأيام النحر كلها